الجمعة المئة بعد المليون
العدد 221 | 29 تشرين الأول 2017
شذى بله المهدي


 

لا أدري لماذا أصحو وذهني متشابك كشريط لفظه كاسيت قديم

وأنا أجرجر قدمي نحو الحمام، فدولاب الملابس، فالمطبخ، فالعربة، فالطريق المهولة إلى لا شيء..
إلى حيث أزيح الرتابة عن مقعدي وأجلس بدلاً عنها بسكون موحش
تدرك بعد كل هذه السنين أنك لا بد أن تتحرك حتى لا ينبت الوقت طحلباً على قدميك..

وتدرك أنك لا بد أن تأكل…

تطعم تلك الكيمياء المعقدة داخلك فتهدر ماكينة أنزيماتها وهرموناتها لتلقي نحوك بحفنات من طاقة..

تكوّمها أمامك وأنت لا تدري ماذا تفعل بها.. ربما لا شيء غير التفكير فى عبثها الأزلي..
اليوم هو الجمعة
اليوم هو الجمعة بعد المليون
وأنا أشتاق إلى أيام قديمة..

كنتُ  أكوّم فيها الغسيل والمشاكل الصغيرة جنباً الى جنب في صدر حوشنا الكبير..

أغسل الملابس.. والمشاكل.. والجدران.. وفازات الورد.. والأواني..

أغسل الحوش والشارع والروح..

وأرتمي في حضن فراغ حميم لا يعنيه إن تقلبتُ يميناً أو يساراً..

أو إن أخذتني الغفوة عاماً أو عامين
اليوم الجمعة
وفي القلب وحشة
وتوق إلى شيء قديم كان ينزلق كقرص الضوء في عتمة ليالٍ خلت..

أين هو ذاك القرص…أين ضوؤه؟؟
اليوم الجمعة
وانا انفقت نصف صباحي في فكّ شربكة شريط الكاسيت في ذهني
ونصفه الآخر لأستمع إلى حفيفه يدور ويدور..ولا يخرج منه سوى الصمت.

*****
خاص بأوكسجين


كاتبة من السودان.