حول الشخصية الدرامية | قيس الزبيدي
العدد 170 | 02 نيسان 2015
قيس الزبيدي


يتساءل مؤلف كتاب “القصه المادة البنيه الأسلوب – مبادىء الكتابة للسينما” روبرت مِكيْ أيهما أكثر اهمية البنية أم الشخصية؟ وليخلص إلى أن البنية شخصية والشخصية بنية، أي أنهما الشيء نفسه. فوظيفة البنية تقديم ضغوط متنامية تجبر الشخصيات على الدخول في مأزق صعب للغاية تضطر معه إلى اختيارات وأفعال خطيرة تكشف تدريجياً خصالها الحقيقية وينحصر الجدال حول جانبين مهمين في الفيلم الروائي: الفرق بين الشخصية ورسم الشخصية.

كيف نستطيع أن نرسم الشخصية؟

الجواب: الشخصية هي ماذا  تفعل وكيف تساهم في الإحداث، حينما تعترضها مشكلة تدفعها الى الصراع وتحاول بكل ما يمكن تخيله أنْ تستمر في تحقيق هدفها.

المهم أن يتم التمييز بين الصراع وبين الصعوبات. فالناس يواجهون كل يوم صعوبات، ولكنها ليست قابلة لأن تكون مادة عمل درامي. مع الأخذ بعين الاعتبار أن مثل هذه الصعوبات يمكن أن ترافق الشخصيات وتخلق حالة من التوتر الإضافي للشخصية أثناء انخراطها في المواجهة. كما أن الخيارات الصغيرة لا تخلق صراعات وإنْ كانت تعزز عملية الصراع وتغنيه.

يبقى المهم أن يعرف الكاتب من البداية كل مسيرة حياة شخصياته كاملة، أكثر مما يكتبها على الورق، بناء على المعلومات التي يجمعها أو التي يفسر بها شخصيته ثم يقرر أي من العناصر أو من الخصائص يضعها في السيناريو بحيث تعبر عن تاريخ الشخصية وسماتها.

كاتب السيناريو يعطي صورة وصفية لفيزيائية الشخصية وسماتها الجسدية (العمر، الشكل، الملامح، التطابق بين المظهر الخارجي وقوة الدور، أو رقته الخ.)، أي وصف المظهر الخارجي للشخصية. وهذا ما يساهم في تحديد الفوارق بين الشخصيات المختلفة المتصارعة في الفيلم، إضافة إلى وصف الحالة عند الحوار، وطريقة الحركة. كذلك يأخذ بعين الاعتبار كل المميزات الاجتماعية وسلوك الشخصيات وعلاقاتها بالآخرين.

يختلف تقديم الشخصية في السينما عنه في الأدب، إذ يجب في السينما أن يتم تقديم الشخصية بطريقة مرئية ومسموعة. وبناء عليه يتوقع المخرج من كاتب السيناريو الأدبي تقديم مقترحات للسلوك النفسي والفيزيائي للشخصية. وفي هذه الحالة يجب أن نعرف أي الوسائل يعتمدها الممثل للتعبير. والوسائل هي :

– ميميك: الإيماء

– غيستيك: تعبيرات الجسد

– الحركة في مكان الحدث تساوي تعبير عن دافع سلوك داخلي مستور أو باطني

– تعابير كلامية مختلفة عن المسرح مايكرو فيزياوي/ مايكرو نفسي

– دوافع طاقة اندفاع الحدث: إن المنطلق الأول لدوافع الشخصية هي الحالة العاطفية. فالسلوك يحتوي على سلسلة قانونية تبدأ بالعاطفة، والعاطفة يتم التعبير عنها بالإيماءة والإشارة، ثم يأتي الإفصاح الكلامي (الحوار).

كل هذه الوسائل تشكل التعبير الخارجي عن الحالة النفسية الداخلية للشخصية /الممثل فمن الضرورة لكاتب السيناريو أن يصف شخصياته بشكل يساعد المخرج والممثل على تنفيذ وأداء الموقف الدرامي.


مخرج ومصوّر وباحث سينمائي. رائد من رواد السينما التسجيلية العربية، من أفلامه التسجيلية: "بعيداً عن الوطن""، و""فلسطين سجل شعب""، و""شهادة للأطفال الفلسطينيين زمن الحرب""، و""وطن الأسلاك الشائكة"". وقدّم روائياً ""الزيارة"" 1970 وهو فيلم تجريبي قصير، و""اليازرلي"" 1974 فيلم روائي تجريبي طويل عانى من لعنة الرقابة أينما عرض. من كتبه: ""فلسطين في السينما""، و""المرئي والمسموع في السينما""، و""مونوغرافيات في تاريخ ونظرية الفيلم""، و""مونوغرافيات في الثقافة السينمائية""."