علبة سكر واحدة للجميع
العدد 159 | 06 تشرين الأول 2014
نجوى بن شتوان


عندما لا يوجد ظلم، سوف نذهب للمدينة ونشتريه، تماما بورقنا هذا كما نشتري البطيخ، نجسّه لمساً وشماً وتقليباً ثم نُغلب لأن البائع مثل المزارع، أبناء حرام يبيعون الخراب على أنه ما لذ وطاب.

عندما لا يوجد ظلم، سنذهب لرمي القمامة عند قارعة الطريق، لأن القارعة ليست مستعملة كمنتصف الطريق.

وسنفتش في غرفة الأرشيف عن “روشيتا” قديمة لشيء لم يعد مهما، ونتأثر لضياعها كموت أحد الوالدين.

سنقف أمام المنزل حتى يمر أول شخص ونجادله علام نظر إلينا؟ وإذا قال بأنه لا يرى جيداً أريناه منا العجب العجاب.

عندما لا يوجد ظلم..سنرش الماء بلا هدف إلى أن تتكون بركة في الشارع يتلوث بها المارة، وإذا اعترض مارٌ يُشجب اعتراضه، فالمطر يفعل ذلك وما من حمار يعترض.

سنرفع صوت المذياع، ضحك ولعب وجد وحب لمن يريد الضحك واللعب والحب، ولمن لا يريد إلا الجد.

سنسمع صاحب الدكان كلمات قاسية عن المعادن الأصيلة، لأن النقود التي أعادها إلينا كاملة، بها خربشات.

سنقطع الشجرة الوارفة في الحديقة المجاورة لأنها غير مثمرة.

سنشعل النار في المكب كي يطهر الحي، فالبلدية تأخرت.

سنلزم الجميع أن يصلي الفجر لأن الصلاة خير من النوم.. وسنكفّر النساء الحوائض ناقصات العقل والدين والتربية، لأنهن لا يوقظن أحداً من النوم.

سنقول لصاحب المقهى إن القهوة مرة، والسكر مغشوش وغير حلو بتاتا، وبالفنجان ثلمه.

سنقول بأن الآخر الذي يشرب القهوة بالسكر المغشوش، أعمى وجاهل ولا يرى وليس إنسان بتاتاً.

وسنحدّث الناس بيقين خارج المقهى أنه جاهل كيلا يكونوا جهلة مثله.

سيقول الأمي: إنه بالفعل تافه وغبي .

ويقول جامعي: كلا 

وجامعي آخر نجح بالوساطة: نعم أجزم بذلك 

وامرأة تنشر الغسيل: اتركوه فقد حفظ القرآن بروايتين.

ورجل قعيد في الدرب: السكر الملعون  سبب ما نحن فيه

ثم سيلد لنا الشيخ فتوى في المسألة

كيلا تتأزم المسائل

رأي وحيد يقسم على أربعين رأس ورأس

للذكر فيها مثل حظ الأنثيين

وفي الرأس الواحدة ينقسم  المقسم إلى ستين 

ولكي يصبح الرقم مقدساً 

لابد أن يكون قد ورد في القرآن، لا في صحف إبراهيم وموسى. 

سنذبح عندما يولد العدد عِجلا سمين

 ونتبرك بعدد الشوارع التي معنا ضد التي ضدنا

سيصبح العالم الذي كان خالياً من الظلم 

عالم وثلاثون

وكهف به نيام وكلب

وتسع وتسعون ذئب ونعجة

ونحن وهم

وإما نحن وإما هم 

وشمس لنا وشمس لهم 

ودين لنا ودين لهم 

وعلبة سكر واجدة تدخل عامها المليون

مُرّة أحياناً لمن أراد وحلوة حيناً لمن يريد

سيولد بيننا ونسميه كل شيء إلا هو. 

__________________________

كاتبة من ليبيا

 

الصورة من فيلم “كلاب شاردة – Stray Dogs” للمخرج التايواني تساي مينغ ليانغ 

*****

خاص بأوكسجين


قاصة وروائية من ليبيا صدر لها العديد من الروايات والمجاميع القصصية منها: "وبر الأحصنة"" 2005، و""مضمون البرتقالي"" 2008، و""الملكة"" 2009، و""الجدة صالحة"" 2013. و""زرايب العبيد"" 2016 (ضمن القائمة القصييرة لجائزة بوكر)."