ماذا أفعل
العدد 199 | 24 أيلول 2016
سامي سعد


أنا رجل متقاعد

هذا جيد للغاية

إنه يدفعني لارتكاب المزيد من الحماقات

تعلمت بسرعة طائر يعبر البحر

كان الحظ لئيماً معي

يدفعني، متعجلاً وصولي للهاوية

عملت كجندي تحت الإجبار

ولم أحقق بطولة واحدة

كنت دائماً

أصوب رصاصاتي خارج الشاخص المسكين

ثم عملت في دولاب الحكومة

منحوني أجراً للسكوت، مغادرة المكان على عجل

قلت للأرامل، والفقراء

اصرخوا أكثر/ أكثر

عملت مرشداً سياحياً للجميلات

نظير ما تيّسر من الحب

الزراعة وحدها من تحملت جرائمي

شعرت معها

بألفة الكلب لصاحبه

فغرست أنيابي في الأرض

وواصلت الحفر

 

لتكوينٍ نفسيّ خاطئ

أمسكت بالقلم، كتبت هراءات لا تحصى

في عقلي الباطن

تأويل باطني لحركة الوجود

لدي ملاحظات حادة على كل شيء تقريباً

حين بح صوتي من الغناء في ساحات صماء

صرت أشير بإصبعي للجميع

أنا مريض بالرغبة في الامتلاك والتخلي

أحب الحجر المسنون والأملس على السواء

عرفت أشيائي عن طريق اللمس

صرت فيلسوفاً في الرابعة

لا أحب المنتحرين، رغم جمال صورهم

لأنهم قليلو الصبر، متعجلون

أنا قلق كذئب لا يأتمن غير نفسه

ملاحظاتي دقيقة وناجعة

لذا، لا أستخدمها غالباً

العبور الخفيف غايتي الوحيدة

ولأنني لم أمتلك الطاقة لمحاربة العالم

اكتفيت بالضجر

 

أخشى الارتفاعات الشاهقة

ولذا أظن النسور مصابة بالتوحد

أحب الخنافس، بحة صوت بوب ديلان 

ولا شيء سيتكرر طبق الأصل

لهذا أكتفي بالمحاولة الأولى

الليل صديق غير محترم

إنه يعريني تماماً، يشاهدني في أوضاع مخلة

والنهار كعادته

سمج وثقيل الظل

أن تكون هنا، فلتهبط عميقاً إذن

وحين تكون هناك

افعل ما شئت

الحب؟ لا أتحدث عن أشياء ملغزة

إنه يشبه الدين والوطن

تلك الرطانات الفخيمة

ليس لي حقوق

وهكذا تخلصت من كل الواجبات

أحب الهواء / الهواء

إنه الوحيد الذي يشبهني

أعرف أن لدي ألم بالفقرات

لكنني لاأستخدم لفظة أقاسي/ أكابد 

فلا ثمن للغباء غير الصمت

لقد حملت أثقالاً لا تخصني من قبل

لا أحب السرعة الفائقة، ولا البطء المميت

أحب من يصل في اللحظة المناسبة

لا تعليق عندي على التاريخ

غير هزة رأس طويلة

ماذا أفعل

أجلس على قارعة الطريق

أرتب سير الكواكب، والقطعان

أمضي الساعات الطوال

في جذب امرأة من خيالي

وصلبها على سرير لحظة ملتهبة

أدخن سراً، وأخجل من شجاعتي

لم أحظ بجائزة في حياتي

غير دعوات أمي في الفجر

مميزاتي كثيرة

تعرفها الأشجار والكلاب

فيما عيوبي مفضوحة للجميع

 

قرأت كثيراً، فحزت حيرة واسعة

فكرتي من زئبق

أدور حولها كبحار تائه

عيوني التي خلف رأسي

ردمتها بالطين

والطريق التي يركض عليها المتسابقون

لا تلائم ساقيّ النحيلة

أراقب حضارة الغابة بشغف

لقد خلق الله العالم كمشروع بسيط

ثم أفسدته الشروح الطويلة

محاولات السطو على براءة الاختراع

فلوركا مثلاً لم يكن صانع كلمات

لكنه كان غجرياً حقيقياً

ولا علاقة للكثافة بعلوم الكيمياء

إنها محض حظوظ وحسب

ماذا أفعل؟ ماذا أفعل

ولا توجد في الكتاب وظائف لائقة

إنني أقلد العصافير

أتناول ما تيسر من خشاش الأرض

أملأ حوصلتي بالهواء، وأطير

ولا أجيب مطلقاً على سؤال حقير

ماذا تفعل؟

*****

خاص بأوكسجين


روائي وشاعر من مصر. من اصداراته الروائية: "تلة الذئب"" 2008، و""السراديب"" 2015."