أرواحنا بطيئة ومرارتنا واسعة
العدد 235 | 21 أيلول 2018
سامي سعد


*ليس عندي الكثير لأوصي به، ففي حال حياتي، نالت الدولة حصتها كاملة من عقار وزرع ومال. لم يبق لدي غير أشياء ليست بذي بال، لكن منعا للشقاق، فإنني أكتب وصيتي لمن يهمه الأمر.

إذا كان التبرع بالأعضاء شرعيا وقانونيا، فإنني أوصي بقدمي إلى جهاز الشرطة، فهو يحفظ أبواب المقاهي، الحانات، دور البغاء، ثكنات اللصوص والشحاذين، مع توصية بحسن التعامل عند المداهمة.

أوصي بشعر رأسي لجارتي العزيزة، إذ طالما شكت لي من سوء المقشات ، وكثيرا ما حدقت بشعر رأسي الجاف، وأنا فهمت بالطبع ماذا تتمنى.

أحذركم من اللعب بفقرات الظهر فهي غير منتظمة ولا مرنة، وسوف تسبب ألما مبرحا لمن تذهب إليه.

أصابعي جيدة وتصلح كمشاجب للغسيل، امنحوها لمحل بيع أدوات النظافة.

عيوني بها مياه بيضاء، لا أعرف مدى صلاحيتها للشرب، لكن من الخطر جدا التبرع بها خاصة لسائقي التاكسي.

لو كان القلب بحالة جيدة، فإنني أوصي بتنظيفه أولا من الحجارة التي فيه، ثم دفن الجثث التي نامت فيه زمنا طويلا، والقيام بتجميل الندوب الكثيرة بحواشيه، لكنني أعترف بأنه خامة ممتازة، يعمل في كافة الأجواء، وقليل الأعطال.

يرمى أنفي وحلمات أذني للكلاب الضالة وقطط الشوارع فطالما رافقتني في دروبي.

رواياتي وقصائدي فهي صدقة جارية على روح كل حالم، مخذول، ووحيد.

ما يسمى بالعقل الذي في الرأس، فنصيحتي الوحيدة، طحنه جيدا، ثم نثره كرماد في صحراء عارية، فهو ملوث، مختلط، لن يحمله كائن، ويعرف معنى الراحة.

الشيء الوحيد الذي لا يهمني ما تفعلون به، فهو قضيبي، فطوال مدة حياتي، وهو يحيا ككائن مستقل.

 

*يبدو الأمر شائكا، لكنني سأحاول، أنتم يا أصدقائي، على طاولة بمفارش خضراء، بفندق قبالة مأذنة هائلة من الأساطير، وتسع زجاجات خضراء من “ستلا”العريقة، انصتوا قليلا لروح الكلب التي تسكنني.

لن أتحدث كشاعر، فشاعر منكم ينقل عن رواة: أن زمن الشعر ولى، وأن الجمهور بحاجة إلى أقراص خفيفة من “الترامادول”، والطعمية الساخنة، حتى الكلبة التي ترتدي فستانا أسود، بمجرد أن أقتربت منها جفلت عيناها، وأخفت نهديها عن أنياب عيوني، وأنا كما شاهدتم وضعت ذيلي بين رجليّ، وكففت عن العواء.

أعتمد في مسيرتي على الحواس، وأنفي هو من يحدد مسار حياتي، هذا الأنف يتولى قيادة قلبي إلى معاركه الخاسرة، طفت بلدان شتى، حاولت الوفاء لكل جدار، لكل من ألقى لي بكسرة خبز، أو سرت وراء من نظر لي بعطف، أوصلت الجميع إلى أبواب منازلهم، لكن أحدا لم يدعني للدخول قط، فعدت للشارع، كثيرا ما فكرت بقضية الإيمان والصبر، ككلب جوال كان عليّ أن أؤمن بالحظ، وألا أشتهي أكثر من الفتات.

لا أعرف سر حزني الخفيف، فنادرا ما طفرت دموعي عند الرحيل من هناك إلى هنا أو من هنا إلى هناك، ربما وعائي ضيق، أو أن حكمتي بريئة، ربما روح الكلب تعرف ما يستحق الحزن الأصيل.

مر زمن صارت كل الأمكنة عندي سواء، والبشر الذين أراهم عرفت أنهم عابرو دروب، فكنت أبادلهم الصمت وأدعهم يمرون، فيما يعبرونني ككلب مسالم.

في غفلة مني أفقت على بيت وعائلة، كان مستحيلا أن أصدق التحول، حاولت التملص، وسريعا خضعت لحكم الأقدار، البيت كان دافئا، والأسرة كانت شعثاء، لكنها تعد طعاما جيدا، ومعاركها صغيرة.

قرأت مرة على جدار  أصفر: لا راحة في البيت، وكنت عرفت سابقا أنه لا راحة في الشوارع، وحين حاولت الإيمان أخبروني أن لا راحة في الدنيا، ضحكت بمرارة وأمنت على الفور.

لا أحد سيعرف أبدا، لماذا خصنا الله بداء الوفاء؟ لم تنبت لي قرون بالمرة، رغم أني رافقت القطعان لسنين طويلة، والحقيقة كان أصحاب القرون يثيرون قرفي، خاصة حين يحكون قرونهم في أي شيء صلب يصادفونه.

عليكم أن لا تنسوا أننا نبول على الجدران لسبب هام، كنا نريد أن نقول للأصحاب: لقد مررنا من هنا، اتبعونا، أو أن الطريق آمن وحسب.

لن أقص عليكم حجم الأحجار التي ترمى علينا، لا لذنب أو خطأ فعلناه، فقط لمجرد أننا كلاب، من هذه القسوة الفجة، تكونت حاسة الشم، ففي مقدور أصغر جرو أن يميز الرجل الطيب من حامل الحجارة.

حين أدركني التطور، أدركت حاجتي الماسة للتكيف، وإلا سوف ألقى مصير الديناصور الحزين، استسلمت لبعض المداعبات القذرة، الإبتسام بدون فرح للمجاملة، النباح لمجرد إثبات الوجود، لكن أكثر الخسارات كانت حين ألفت الجموع، الإضاءة، التلفاز، المقاهي، والأكثر فداحة صارت لي عادات يتعذر التخلي عنها، التدخين مثلا، وضرورة أن تكون لك رفيقة، والحاجة الملحة أن تخترع لك دائرة تدور فيها كقطب، لا ككلب، لقد صرت تقريبا أشبه بني أدم.

أحببت مرات قليلة على عجل، فالأصل في الحب هو المصادفة، ولأنني أتحرك مسرعا، كانت الأخريات يحذرن التعرض لي، ويبدو أني لا أجيد التمويه، فواحدة من الجميلات منا ما أن شمت عطري حتى أصابها الدوار وبدأت تحك فخذيها بعنف، لست مرتابا كما ترون، ولا صوتي به نتؤات موسيقية، كما أن مظهري العام ليس رقيقا بما فيه الكفاية، لكنني أحببت ذلك، لقد عرفت أنه مسافة الأمان اللازمة.

لو قدر لي أن أكتب سيرتي بأمانة، وهذا لن يحدث تقريبا، لأسباب تتعلق بالرغبة واليأس، وربما لحكمة تامة بعدم الجدوى، فسوف أقص روايات حدثت بالفعل، ولن يصدقها أحد بالطبع لأنها لم تحدث له، ولأنه لن يصدق أن المعجزات مشاع لكل الكائنات، لكن ذلك لا يهم.

في صحراء من عواصف ورمال، على كثبان شقراء وطويلة، على شرفة مدى مفتوح كساقي غجرية، طابت لي السكنى، من ربوة الذئب أشرفت على كواسج البحر، فيما كان الخلاء الأبيض يسند ظهري كوسادة من سحاب لدن، يبدأ العذاب بحلم، وينتهي بكابوس.

رتبت كل شيء بهدوء قاتل قرر الاستقامة، حتى الزمن، هذا العدو الأشرس، صنعت له حبلا وقيدته إلى صخرة في أقاصي الجبل، صنعت ممحاة هائلة لكل العثرات، وأول ما محوت كان ذاكرتي القديمة ( تلك التي نبتت مرة أخرى بعد طول موت وكأنها عشبة نجيل خالدة )

ويوما ما سأعرف، أنه لا شيء يموت تماما، كما أنه بالمقابل، لا شيء يحيا بكامل حياته، عدم الإكتمال هو الأصل.

حتى الأشجار، المنازل، الكائنات، الذكريات، الأوجاع، كل ذلك يمكن إعادة طلاؤه، يمكن إعادة تشكيله كصلصال، يمكن إثباته حينا، ومحوه حينا أخر، لكن كارثتي التي سأحملها أينما سرت، هي ذاكرتي المثقوبة.

كان الله سعيدا قبل اختراع البشر، إذ حين تقرر المشاركة في اللعب، فعليك قبول الخسارة متى جاءت، فالآخرين هم أنت تماما، حتى إن ظننت أنك مختلف وبعيد عن المنافسه والتشبيه.

أخطأت بالطبع، لأن لا صواب دون خطأ، فالصواب المجرد هو الحجر، وكل ما يتحرك داخل في التجربة، وأنا تحركت أكثر مما كنت أحتاج.

بالمصادفة صادفت الليل، فغمرني بأسراره، وكم لليل من فضائح لو كان بمقدوره أن يرويها لاختبأت نصف الكائنات من الخجل، حكت لي الأشجار مآسيها، غفت الأرانب البرية في معطفي، غربان وبوم وهداهد شربن الماء من ينبوعي، ولدت غزالة في سريري، أودعني الذئب روايته الوحيدة التي كتبها ذات جرح أقعده عن القنص، أشتكى لي نسر وحدته بالأعالي، نامت ثعابين في شقوق بيتي، غير أنه تعذر عليّ معرفة من من هولاء علمني الكتابة، قراءة الطالع، وتفسير سير الكواكب.

مرة أيقظتني فراشة تعاني الأرق، كان الليل حالكا، وكانت تبحث بشغف عن ضوء ما، تبحث بوله عن مصيرها المحترق، قالت: كأنك تقلدني، أنا مصوبة نحو حتفي، هناك.

حين أضأت المصباح لأراها، التصقت بالضوء الحارق، تنهدت بلذة مضاعفة، واستراحت، كأنها بلغت ذروتها المشتهاه.

السكين نائمة، والديك يؤذن لمن يذبحه، تكابد البرتقالة لتصير ثمرة ناضجة، الإندثار هو مكافأة الناضج، لهذا من لا يعشق الطفولة ميت قديم.

المفترض أن أكتفي باللذة العابرة، هذا قانون الكلاب الأصيلة، لكنني أعاود النسيان، وأتلقى العقاب مضاعفا.

يقولون إن أرواحنا بطيئة، ومرارتنا واسعة، وهذا مناقض تماما لإنطفائنا السريع، أكثرنا يموت مبكرا بداء السهر، او رميات طائشة من أدعياء الحفاظ على الأمن وسلامة النائمين، كما أن الطقس البارد، والنباح الطويل يعجل بسفرنا السريع، في العادة نحن لا نفكر كثيرا في مسألة العمر.

في العصور القديمة كان أجدادنا ينامون أينما حل بهم النعاس، الآن يدور الواحد منا حول مكان نومه سبع مرات، قبل أن يلقي برأسه إلى الأرض، لقد صار الأمان نادرا، ولم يتوصل أحد منا بعد لطريقة ناجعة لمعالجة هذا الوباء المسمى بالرصاص.

النادر من أرواحنا من تهاجر لسكن جسد إنسان، لكن الكثير من أرواح الانسان تأتي لأجسادنا لتصيبها بالوهن، والميوعة، لقد أفسدنا التزاوج مع فصائل من هذا النوع.

لو تسمح السيدة المباركة، ذات العطر الغريب المدوخ، من تلعق حافة زجاجة البيرة وكأنها تلعق رأس قضيب مبروم، لأخبرتها بما يرويه زملاء لنا، نالوا تدريبا على اللعق مع نساء فاتنات، لرويت لأرواحكم العطشى لهذا النوع من السرد، عن رأي تلك السيدات الشبقات في الفروق الشاسعة بين متعتهن مع رجال من ذات الجنس ومتعتهن حين صاروا بين قوائم زملاءنا، وتحت رحمة ألسنتهم الحادة، لو تسمح السيدة، لو تسمح أن أروي، أو تسمح لرغبتها الدفينة الجامحة بتجريب ذلك النوع من الجنس الحقيقي.

 

 

*لقد صرت جدا، وحان دوري لأروي القصص للصغار، من الوارد بالطبع أن أختلق بعض الأكاذيب، فالعمود الفقري للقصص هو الكذب، سأحرص أيضا على تفكيك الحقائق، فكلما صارت الحقيقة بحجم قطعة “البونبون” يسهل امتصاصها، يقينا سأروي الكثير من السخافات المضحكة، الأطفال يحبون اللعب، والحياة في حقيقتها الأولى محض لعبة مسلية، ثم أفسدها اللاعبون، بكثرة الاعتراض على الحكم، ومحاولة سرقة الفوز بشتى الطرق.

من المثير جدا أن يسألني الصغار عن طفولتي، عندها فقط، سأكون حقيقيا، وتغمرني المسرات التي تغادر المرء حين يشب عن الطوق، ويبدأ بالتعقل، كارثة أن تتعلم الحساب، وتبات ليلك تعد على الأصابع مخاوفك.

السعادة يا صغيري أن لا تعرف، في الفروق بين الأشياء، تكمن تعاسات البشر، يكفي أن تعرف ظواهر الأشياء، فلن تجني من معرفة ماهيتها غير الحزن والكآبة، ثم أنك مجرد ظل ظاهر، وكل ما عليك هو الاستمتاع برحلة الظل، هناك نوع منذور لتلك التعاسات الكبرى، أرجو أن يملأك النفور لمجرد رؤيتهم، وإذا أردت دليلا على قولي، فانظر كيف انتهى الحال بهم؟

بين مقتول، وشريد، وجائع، ونزيل دار للمجانين، وكلما أوغل الجميع حولك بالعمل والجدية، فعليك بمواصلة اللعب والسخرية، لكن لا شيء يمنع إذا أردت النوم أن تنام، وللبكاء فائدة وحيدة، فهو يطهر العين من الأتربة والغبار، لكن أن تبكي من أجل شيء أخر، فذلك هو النضج السخيف.

افعل ما يحلو لك دائما، حتى في السر. أنت جئت رغم أنف الجميع وسترحل بذات الطريقة، لا فضل لأحد بمجيئك، فلماذا تثقل كاهلك بالعرفان؟

الطعام الذي تتناوله موجود قبل والديك، والأرض ممهدة، البحار ملأى بالماء، والسماء بالنجوم، كل شيء كان هكذا، وسيظل، فلماذا تدفع كي تنال ما هو لك أصلا بالمجان؟ تلك الأشياء الطارئة ستخطب ودك إذا وليتها ظهرك، في الحقيقة لا حاجة لك فيها، هكذا، سيكون بمقدورك أن تسب وتلعن ما تشاء بحرية كبرى، أنت تذهب للمدرسة؟

إذن تعلم القراءة، وإذا تعلمتها جيدا، فحاول أن تقرأ القليل مما يلزمك، وإذا تعلمت الكتابة، فاكتب اسمك أولا، وضع في كل حرف تكتبه شيئا من رائحتك.

يقولون عليك أن تعمل، وأنا أقول لك: لا تعمل إلا ما تحب عمله فقط. الناس يتصارعون، يتقاتلون، يموتون، يقولون من أجل الخبز، الحرية، العدالة، وأخرون من أجل القانون، النظام.

لا تصدق أي منهم، الجوعى كاذبون، لأن الجوع لم يقتل كلبا من قبل، لكنهم يريدون أرغفة أكثر، أطعمة أشهى، منازلا أوسع، والسادة مندهشون، لا يطيقون روائح القمامة، والغرف الضيقة، والملابس الخشنة، يلوحون بالسوط مرة، أو يقذفون من نوافذهم بعض الحلوى، فتهدأ الجموع، لا قضية لك في صراع مأفون، رغيف واحد يكفيك، علبة تبغ رخيصة تؤنسك، زجاجة نبيذ تحت سترتك، وإذا تيسر لك صدر امرأة بض، فأنت قريب من الفردوس.

لاحظ: لا ثورات هناك.

 

 

*إنه أسوأ فيلم شاهدته في حياتي، حيث يتبادل الشرس والقبيح الرصاص، ولا يموت سوى الطيب، وكثير من المشاهدين.

 

 

*شيء ما، عطل النمل عن التطور، أبحث عن نظرية علمية، تعيدني أيام كنت نملة، وحينها سأحرق النظرية، وأنعم بالحياة.

 

 

*يخرجان من البيت

دون ضوضاء

دون حتى نظرة وداع،

الهواء، والعاهرة.

 

 

*لست وحدي، وهذا الصديق الكئيب بجانبي، يهده التجوال طوال النهار، ينام قليلا ويصحو، يسب ماري وزوج أمه العسكري، والدائنين، ويأخذه الغيظ حين يبدأ سرد رحلته البلجيكية، دائما ما يسأل عن الوقت، يقول والدموع تلمع في عينيه:

رغما عني صرت عميقا، حتى أنه ما عاد يناسبني غير الغرق.

لا اسم تدليل لي، هذا جيد، وإلا صرت كلبا من سلالة متوسطة.

 

 

*كان موسيقارا ذائع الخمول، درس على أيد فقهاء الموسيقى، ولم يؤلف لحنا واحدا، مكتفيا بالحلم في إزاحة موتسارت وشوبان من ذاكرة الموسيقى، يقول: الفكرة موجودة، أتحين فقط وقت البدء. يتعاطى المخدرات، الكحول، أي شيء قادر على الذهاب بالوعي، ورث عن أبيه فقرا عظيما وأسرة بالكاد تشبع  الأرغفة، راودته غجرية حافية بالثراء والراحة، تردد قليلا بين مجد الموسيقى وشهوة الحياة، أهدته الغجرية عودا سرقته من إيران، وفرت له البيت والمخدرات، والغذاء لأسرته، أمسك بالعود مرات ومرات ليلحق بالحلم الهارب، أخر الأمر قذفه من النافذة: ضاعت الفكرة يقول، وبقيت الغجرية والأرغفة، الموسيقين كثر، لكن الحياة واحدة.

 

 

*يقول ناجي داوود: الحب الحقيقي هو لحظة الوصول للقاع، ماعدا هذا توهمات وأباطيل، فحين تغيب عني عين صفية، لا شأن لي بكل ما يحدث هناك، ولا أريد أن أعرف، كل معرفة هي تشويش، وحين تأتي نندغم ككتلة واحدة، ومن المستحيل أن يظل جسدان وروحان على ذلك الحال طوال الوقت، فالحب مجرد حدث له وقت لا يتعداه، ولا شأن لي بأولئك الحمقى من يربطونه بالسعادة والشقاء، صفية تفهم هذا، لا أعرف كيف، وأنا أحب هذا الحب البسيط.

 

 

*مات حمار أبي في السابعة من العمر

تنبأت بموته

ونصحت أبي ببيعه على وجه السرعة،

كان شديد الوسامة

ذكيا كأنه خريج جامعة عريقة

شاهدت بعيني

جميلات يحدقن فيه بإشتهاء

يعرف الدروب كخبير

يختصر المسافات دون كلل

صبورا وغير هياب

لم يركل طفلا

أو يسطو على حقل الجيران

حين مات

رفع أبي الرايات السوداء على الحظيرة

وتوقف بث النهيق الجميل

ثلاثة أيام

ومازلت أحتفظ بلجامه كذكرى صديق.

 

_______________________

العريش/ سيناء

 

*****

خاص بأوكسجين


روائي وشاعر من مصر. من اصداراته الروائية: "تلة الذئب"" 2008، و""السراديب"" 2015."