إلى عبدالله أدهم عبدالله
قلّ لي أيها الغريب، ما الذي تفكّر به؟
الآن أو عما قليل وبعد هذا القليل؟
بالأمس والغد وما بينهما – أي هذا اليوم وتلك الأيام التي مضت ولن تعود، وتلك التي ستأتي رغماً عنك؟
لا يفارقني مطلع قصيدتك:
“لشدّ ما أشتهي أن أنطفئ
أن أتلاشى
أن أذوب دفعة واحدة
أن أُلقى في محارق العيون عدماً”
هل تتبادرُ إلى ذهنك، أم أنك أودعتها جسدك، وتركتَ لها أن تفتك به؟ صيّرت القصيدة مصيراً، وخلاياك من شدة عذوبتها وحزنها استسلمت لها عن طيب خاطر.
دعك منها أرجوك!
فكّر بغيرها، تلك التي تبدأها بـ “دموع حبيبتي عناقيد بلا أغصان”، تذكّر ما كتبته حين شاهدت فيلم “روعة العشب”، شيئا من هولدرلين، أو رامبو، أو بودلير نعم بودلير وسطره المدوّخ “أحب من عينيك المديدتين هذا النور المخضر” تفتتح به رسالة غرامية مدمّرة.. كل الأعين المديدة ترمقك الآن، بنورها، بلمعانها، لا محارق لها ولا عدم.
فكّر بامرأتك على السرير المجاور، قل لها “يا مليكة الأيام القادمة..المستقبل يلوح في عينيك كزهرات الحقول”، تعرفها جيداً، تتخاطف اللحظات بالأدعية، ترنّم الهواء لتتنفسه مديداً سحرياً، تستبقي لك الغيوم لترمقها يا أيها الغريب خارجاً من قصيدة بودلير كما وقعتُ عليها في دفترك الصغير المصفر “الغيوم الغيوم التي تمرّ..”.