سيتضح من دون مقدمات التحالف الخفي بين الأرق المديد وما تتابعه يومياً من هذا القهر السوري المترامي، ستردد كما لو أنك التوحيدي “وجنبنا الخفوق مع كل ريح واتباعَ كلّ ناعق”، ما سيزيد من أرقك أكثر وأنت تعايش ما يتخطى الخفوق إلى الاندحار والاندثار وليس حول هذه الكارثة السورية إلا كل ناعق وسفيه.
ومع المحاولات المضنية للنوم، لن يجدي أي شيء، وستتدهور حالتك إلى درجة انقسامك إلى اثنين: الأول أنت، والثاني يؤنبك على أن كل ما حدث لك هو أن النوم يجافيك وليس في الأمر إلا معاناة تافهة تكفي حبة منوم أن تقضي عليها، لكنك تأبى ذلك وتواصل ألمك الشخصي وتقلبك في الفراش مع اتخاذ إجراءات وقائية تبقي جذوة تألمك على السوريين وسورياك التي فارقتها منذ أكثر من خمسة عشر عاماً متقدة، وفي اقتباس يليق بهذا المقام فإنك ستستدعي صديقك تولستوي وهو يقول لك “الطمأنينة دناءة روحية”.
لكن ما من أحد يأبه بذلك، ومن حقهم تماماً أن يتجاهلوا كل هذا الذي أنت فيه، وهناك من سيخرجون عليك ليقولوا أنت لا تفعل شيئاً سوى التباكي، أنت محبط، وما إلى هنالك من توصيفات سلبية، بينما هم فاعلون وثوريون ينعقون آناء الليل وأطراف النهار، ولا هم بمؤرقين ولا هم بسائلين إلا عن أصواتهم تنعق وتخفق مع كل ريح.
أولئك هم المطمئنون، أولئك أصحاب المهزلة والكارثة، وهم يدّعون أنهم يملكون الحقيقة فيجلدونك بها، المواصلون سفاهتهم وقاية من الأرق، وعلى رأي التوحيدي “بالاعتبار تظهر الأسرار، بتقديم الاختبار يصح الاختيار”.