أخرجوا حلب من أغاني صباح فخري ولم يكن الله بغائب، مندلعاً تسعاً وتسعين مرة في الشوارع والأزقة وممرات المشاة آناء الليل وأطراف النهار.
“حبيبي على الدنيا إذا غبت وحشةٌ”
تتقطع الأغنية في الطريق من “الجميلية” إلى “الكرة الأرضية”، مرَّ القطار الأخير، ألقى نظرة على “الأنصاري” ولم يتبق من السرير سرير آخر ليرمينا إليه، الملاءات أشرعة ممزقة، الوسادة محشوة ريش طيور مهاجرة..نفدت معدات الخلود.
“لقد فنيت روحي عليك صبابة”
السماء زرقة متورمة، الأحذية للأيادي، أحدث العراة فروقاً طفيفة، قدَّسوا الحفاة الجدد، وندف غيوم تخرج من فراشك.
“ما أنت يا روح العزيزة صانع”
السماء مجدداً في طريق العودة
يراد لنا تفحيم القدر
رص الأسرة في الممرات
وأكياس السيروم فوقها أشرعة ممزقة
:
نفدت آخر غيمة من فراشك.
*
البطولة مقتلنا
فائض منها لجماليات الغرق
الفداحة أيضاً في الصراخ المرير
جميعنا أبطال
بينما توزعين أعضاءك علينا بالتساوي.
*
يعيش العقيد كرتيز
“القيامة الآن” وليس غداً
قيامة بين لحظة وأخرى
في “قلب الظلام”
قلب لمن لا ينبض
الفضيلة لصق غريزة بدائية للقتل
هكذا يقول كرتيز
يحذرنا من المشاعر والشغف والحكم
لا تحكموا على شيء
اقتلوا
“لأنه وحده الحكم ما يدحرنا”.
*
عند المنعطفات تندلع الحقيقة
الحقيقي جريمة كاملة
الشهود أخذوا القضاة رهائن
الحق العام مهرجون ورعاع
يُسمع الآن نشيج متبوعاً بنوبات ضحك
تسمع “الله أكبر”
الله الله متكرراً إلى أن بتنا متأكدين من أنه غير موجود.
*
حزين كمئذنة أو كمنفضة لا فرق
أنطفئ خمس مرات أو إلى ما لا نهاية لا فرق
التكرار متاهة الحزين.
*
النفق مظلم
الضوء شحيح في آخره
يجدر بنا إبادة كل ذرة تشاؤم
حتى وإن أودى ذلك بحياة كل من نتفاءل لأجلهم.
*
النفق مخطئ
المعبر أيضاً
سمِّه ما شئت
درباً
مساراً
أو حتى غاية
عند النهر لم نتفرق مع السواقي
سارعنا إلى البحر
ساحة الإعدام الزرقاء
سلمنا قلوبنا للبنادق
وكم كانت الإصابات محققة.