يتقن الهرب، لكن بشجاعة. يثني على نفسه عندما يتلقى الصفعة، ويتجه للجدار حاملاً المطرقة
ليضرب الجدار
ليضرب الجدار
ويضرب الجدار
يعود
يسلم الراية للفراغ. يشعر بالنشوة الآتية من شعوره بأنه فقد شيئاً لن يعوض. ينظر لصورهِ القديمة ويبتسم لذاك الوجه. الملامح تغيرت لكن النظرة الحزينة على وجهه بقت ثابتةً مثل جسد سقراط. يشعر بأن أحداً استبعده. يمسك المطرقة من جديد
ليضرب الجدار
ليضرب الجدار
ويضرب الجدار
يعود
ليس بالذكاء الكافي لتغيير قواعد اللعبة، لكنه لم ينتهِ بعد. لا شك بأن الموت جديرٌ به، جديرٌ بهؤلاء الذين لم ينتهوا بعد. شعر بالخيبة. لا يمكنه المواصلة هكذا. لحظة الاحتراق الداخلية تعبث في كل مسام في جلده، هي ليست مؤلمة بقدر ما جعلته يمسك المطرقة
ليضرب الجدار
ليضرب الجدار
ليضرب الجدار
يعود
الجدران لا تهزم، هو يعرف هذا جيداً، لكنه يكره الجدران، يريدها أن تختفي للأبد، فعندما يشتد الألم في صدره ويحرق كل ما تبقى من بصيص الإنسان في داخله، يركض للجدار يتحدث معه لكنه لا يجيب. لم يستطع أن يدرك هذه الحقيقة القاسية؛ بأن الجدران لا يمكنها ملاحظة علامات الهلع والنكوص. مع هذا فهو لن يصاب باليأس، سيتحدث مراراً للجدار في غرفةٍ مظلمة، لكي يجيب، وسيمسك المطرقة
ليضرب الجدار
ليضرب الجدار
ليضرب الجدار
يعود
ليصنع الفجوة داخله، لتتمكن قرنية عينه السوداء من أن تنتشر في كل محيطها، ليتحول عظمه إلى ضبابٍ يملأ الغرفة. وقبل أن يغلق عينيه لينتظر يوماً آخر يشبه بقية الأيام يردد الجملة ذاتها وكأنه يصلي:
يجب أن يجيب الجدار
يجب أن يجيب الجدار
يجب أن يجيب الجدار
*****
خاص بأوكسجين