حول الشخصية الدرامية
العدد 171 | 19 نيسان 2015
قيس الزبيدي


يخضع سرد الحكاية إلى تنظيم عناصر بنيتها الدرامية وتأخذ طريقة ترتيب السرد في فصول ثلاثة، يتم فيها بناء العلاقة بين العناصر السردية التي تصوغ العرض الدرامي: الحكاية والشخصيات، الحبكة والصراع، الأحداث والحوار،الذروة والخاتمة. كل ذلك على أساس من وضع لشخصية مستقر/ يتغير إلى وضع غير مستقر، ينشأ منه خلل/ ثم تجهد الشخصية، عن طريق المواجهةفي أن تعيد الوضع المستقر وتنتصر على الخلل، لكن بنوعية أخرى، ينشأ منها مغزى الفيلم العام  (Turning points) . 

المراحل الأربعة

يجب أن تكون الشخصية الرئيسة فاعلة، أي أن تتسبب في وقوع الأحداث، وأن لا تقوم دائماً بردة فعل على الأحداث التي تقع. إنه قانون نيوتن الثالث عن الحركة، لكل فعل رد فعل يساويه بالمقدار ويعاكسه بالاتجاه. الشيء نفسه يحدث في السينما. 

المرحلة الأولى: وضع مستقر للشخصية: شخص يذهب إلى طبيب في فحص دوري عادي.

المرحلة الثانية: الوضع المستقر للشخصية يصاب بالخلل: الفحص الطبي يكشف إصابة الشخص بمرض السرطان.

المرحلة الثالثة : يبدأ القلق وعدم الاستقرار عند الشخصية. ويبدأ الصراع ويضع الشخصية أمام حالة، عليها أن تتصرف إزاءها. وحسب طبيعة الشخصية وعلاقتها في الحكاية يتم التصرف، فالشخصية. ممكن أن تلجأ إلى الكحول للنسيان، أو جنون الانتحار. أو تتغير وتستعيد قواها لتنتصر على المرض أو تقوم بإنجاز عمل ذي فائدة إنسانية: يحفز قواها الذاتية للتغلب على المرض أو تحاول الاستمرار في الحياة بشكل مفيد: كفاح من أجل العودة إلى الاستقرار. 

 

المرحلة الرابعة: إعادة وضع استقرار الشخصية، لكن بنوعية جديدة يتم فيها إعادة صياغة الذات بشكل إيجابي أو سلبي وأن لاتكون مشابهة للحالة المستقرة الاولى وإنما استقرار جديد، على مستوى وضع جديد مختلف. مع مراعاة أن البعد الاجتماعي في الصراع يكشف عن نفسه عبر علاقة الشخصيات وكيف أن المحيط الاجتماعي يؤثر في هذا البطل.

 

لا تعط شخصياتك خصالاً أو ماضياً قبل أن تعرف ما هي فائدة ذلك. ولا تعتقد أنك ستنفع الشخصيات إذا ما جعلت خصالها غير عادية أو ثابتة. اسال نفسك ماذا يريد هذا الإنسان؟ لماذا يريد ما يريده تحديدا؟ وكيف يأمل في الوصول إلى ما يريده؟ ومن أين أتت هذه الرغبة بعمق في نفسه؟ لماذا عجز عن الوصول إلى هدفه قبل الآن؟ من يعترض طريقه؟ وماذا سيصبح إذا ما وصل إلى هدفه؟ وأي الجراح أصابته حتى الآن وهل ستحول بينه وبين وصوله في النهاية إلى الهدف؟ 

عند صياغة البنية الدرامية للفيلم، من المهم جداً التفريق بين الأبطال الرئيسيين والأبطال الثانويين. وأحياناً، لأنه إذا ما تحولت شخصية ثانوية إلى شخصية رئيسية نتيجة سوء تقدير الكاتب يصاب مستوى البطل الأساسي بحالة من الخلل. على هذا يساعد وضع مخطط عند التأليف، يُعَيِّن حدود الشخصيات، لكي لا تأخذ الشخصيات الثانوية أهمية تفوق أهمية الشخصيات الرئيسية. 


مخرج ومصوّر وباحث سينمائي. رائد من رواد السينما التسجيلية العربية، من أفلامه التسجيلية: "بعيداً عن الوطن""، و""فلسطين سجل شعب""، و""شهادة للأطفال الفلسطينيين زمن الحرب""، و""وطن الأسلاك الشائكة"". وقدّم روائياً ""الزيارة"" 1970 وهو فيلم تجريبي قصير، و""اليازرلي"" 1974 فيلم روائي تجريبي طويل عانى من لعنة الرقابة أينما عرض. من كتبه: ""فلسطين في السينما""، و""المرئي والمسموع في السينما""، و""مونوغرافيات في تاريخ ونظرية الفيلم""، و""مونوغرافيات في الثقافة السينمائية""."