قبل الشروع في تفاصيل المراحل التي تمر بها عملية كتابة السيناريو الادبي و تمر بها بعدئذ عملية سيناريو التصوير “الديكوباج”نريد ان نحدد بداية ثلاثة مراحل تمر بها عملية انجاز الفيلم:
1. نص درامي أدبي سمع/ بصري يجري تأليفه للسينما
2. نص درامي فني – سمع/ بصري يجري تأليفه للتصوير السينمائي
3. المنتوج السينمائي: الفيلم
تتم الاستعانة في كل مراحل الإنجاز بوحدات ثلاث هي: “اللقطة” و”المشهد” و”المقطع/السكوينس”:
1. اللقطة: بمعنى تقني، هي أصغر وحدة فيلمية، وتتكون من سلسلة صور سينمائية منفردة «فوتوغرام» تصور دفعة واحدة، منذ أن تبدأ آلة التصوير في التسجيل إلى أن تتوقف. ويتألف الفيلم في الغالب من حوالي 450 لقطة إلى 600 لقطة. وتلعب مكونات وعوامل فنية عديدة دورها في بناء وحدة بناء اللقطة وأهمها علاقة اللقطة مع ما قبلها وما بعدها من اللقطات.
2- المشهد: من أرسطو وحتى الوقت الحاضر، تبقى الوحدة الزمانية/ المكانية هي أساس المشهد، وفي السينما فإن المشهد هو مقطع مستمر في وحدة زمان ومكان، وهو جزء من الحدث السينمائي، يتطور ويتصاعد دون انقطاع.
وكما هو مألوف فإن الفيلم يحتوي في سيناريو التصوير على 80 إلى 200 مشهد، مع أن كثيراً من هذه المشاهد يمكن أن تتكرر. ويدوَّن كل مشهد في صفحة خاصة لوحده. وتجزأ المشاهد في لقطات، يبين فيها موقع وزاوية آلة التصوير. ويتم تحديد موقع آلة التصوير في كل لقطة، كما يتم إعطاء رقم لكل منظر ولكل لقطة حسب التتالي. أما في السيناريو الأدبي فتشكل زمنياً كل صفحة دقيقة واحدة.
3- السكوينس: مشهد حر: مقطع متتالي يتألف من مجموعة مشاهد عديدة لا تجمعها وحدة زمنية ومكانية، ويلغي المقطع مفهوم الوحدة الزمانية المكانية للمشهد من جهة، ويعبر، من جهة أخرى عن فكرة واحدة أو موضوع واحد. ومن الممكن ألا يحتوي بناء الفيلم، بالضرورة، على أي مقطع/ سكوينس.
تلبس فكرة الفيلم الدرامي منذ أن تولد في البداية، لباس الكلمات. وحينما تنمو الفكرة في مراحل عديدة، تتجسد بوساطة الكلمات كاملة في السيناريو الأدبي، وثمئذ في الديكوباج. ويمكن القول أنه كلما اقترب كاتب السيناريو من وصف صور حكايته التي يتخيل، ومن وصف أصواتها التي يسمع، كلما استطاعت هذه الصور والأصوات أن تسرد لنا الحكاية من جديد، في ((وسيط)) سمعي بصري، في دراما فنية، فيلمية.
من هنا نفهم كيف يعتبر بازوليني السيناريو الأدبي نقطة تلاقي بين الأدب والسينما، حيث تقوم الكلمة وقتها بدور وحدة لغوية: “علامة”، وظيفتها إحلال شيء بدل شيء آخر، أي إبداله بشيء آخر، فهي دال ينفصل عن مدلوله. أما الصورة، فهي علامة بصرية، تتشابه فيها العلاقة بين الشيء ومظهره، ويتطابق فيها الدال مع مدلوله.
إن هدف الكلمات، التي تنتمي إلى اللغة الطبيعة، تقوم اساسا بالتعبير عن سلسلة الصور والأصوات التي تسرد الحكاية الفيلمية. ويمكننا أن نعد لغة هذه الكلمات بانها ليست لغة “ادبية” بل انها لغة “واصفة”.