الآباء العاطلون عن العمل
العدد 210 | 09 نيسان 2017
زياد جبيلي


أنا وأبي لا نفعل الكثير

كلانا عاطلان عن العمل، ورغم ذلك

لا نفعل الكثير

يستيقظ قبلي بأربع ساعاتٍ، وحين أفيق

يسألني: أين كُنت؟

 

هو لا يحلم

يعيش بنصف شهرٍ دائماً

النصف الباقي آخذه من راتبه كي أُكمل به شهري

 

لا يحلم،

يتذكّر فقط.

/

يُعيد السؤال ألف مرّة

وحين أغضب من تكرار الجواب

ينصحني بأن أُصبح أنضج:

” أنتَ أبٌ أيضاً، وعليكَ أن تكون أَهدَأ”

أنا أبٌ أيضاً

طفلتي لا تُشبهني، لكنّها تغضب حين أُكرّر السؤال ألف مرّةٍ

فأنصحها بأن تُصبح أنضج.

 

/

لا أفعل الكثير

أسهر حتى ساعاتٍ متأخّرةٍ كلَّ يوم

أجلُسُ هكذا بلا سبب

لم تعد الأشياء المهمّة تحدثُ ليلاً

ولا العاديّة

أصبح الليل بَوّاباً

لمن يجلسون في العتمة ويحدّقون باتّساعٍ كي يألفوا الأيّام

/

يُعيد عليَّ ما قَرَأ

فأتظاهرُ بأنّني أُصغي

أَقرَأُ عليه ما قَرَأت

فلا يكترثُ، ويسألُني عن أطفالي

كِلانا ممثّلٌ رديءٌ، وكِلانا يَعلَم

 

يحلق ذقنه كلّ يوم

وحين يخرج من المنزل

يمشي بهدوء الواثقين

يعرفُ أنّه لم يبقَ له الكثير ليفعله

لذا

لا يفعل شيئاً.

/

كلّ يومٍ أجمعها

أُراكمها فوق بعضها

أُكدّسها

وحين يبلغ ارتفاعها المترين

تسقط، فأبدأ من جديد

كلّ يومٍ أفعل هكذا، ولا أَمَلّ

لديّ الكثير لأفعله حين أكون عاطلاً عن العمل :

أجمع الأحلام و أراكمها

وحين يبلغ ارتفاعها المترين

تسقط،

فأبدأ من جديد

ليس هناك ما يشغلني أصلاً

لدي الكثير لأفعله

كأن أساعد أبي في تذكّر حماقاته حين كان في مثل سني

وأجعله يضحك

وأن أُفكّر بأنّني شخصٌ جيّدٌ أحياناً

فأنا أبٌ وعندي أطفالٌ وزوجةٌ

وعاطلٌ

عن العمل.

******

خاص بأوكسجين


شاعر من سورية. من مؤلفاته: "لا غيم يقود العربة"" 2015"