يا سورية الوضيعة الرقيعة الأليفة الحنونة
العدد 198 | 05 أيلول 2016
علي عبدالله سعيد


 

1

 يخصني وحدي أن أكون هدّاماً هكذا كما أنا هكذا مصلوباً على شجر من ملح أو من شمع يذوب على مهل أن يمر بيّ التفّه القتلة والرعاع أن يقول السافل بعد الآخر هذا هو النبي الكذّاب الذي صدقناه الى أن صلبناه على شجر من ملح على شجر من شمع يذوب في هدأة الليل من دون أن

 يسمع

 به

 أحد

 يخصني أن تقرأني هنا أو على تلك الضفة من الهول من دون أن تكون ذليلاً مهاناً أسيراً لدين أو معتقد تابعاً لزعيم مخصي أو لعصابة من اللصوص والعفيشة الشذّاذ في المعتقدات والأديان والأفكار .

 في

 البلدان

 والأوطان

 يخصني في الصباح صباحي الأزرق وأنا على هذا القدر من التشظي الحاد أن لا أشتهي قهوة ولا حتى قبلة طارئة عارضة قرب باب القبو لا تبيعين لي لن أشتري شهوة قبل النبع إنني الأكثر.

 صدأ

 من

 الصدأ

 يخصني في الصباح كأنه وقتي وحدي إن طبيعة الأسئلة ذاتها يومياً في الحالة ذاتها يومياً أن أتفقد جدل الأرانب تحت شجر الخوخ أن أتأمل البحيرة حيث لا مركب سكران ولا شاعر إلا ذاك الموبق قليلاً ولا نساء عاريات يضربن على الدفوف فوق الماء لا عاشق ولا عاشقة لا شهوة ولا بطة تجوب الأفق.

أو

الماء

اليابس

يخصني أيتها البلاد الصدئة بدم أبنائها بقيحهم بصديدهم بطوائفهم ومعتقداتهم بقومياتهم وأديانهم أن أكشط جلدك بين فخذيك أن أرش بينهما الكثير من الملح والشعر والحكايات الدموية عن متوحشين وحشاشين يعبرون التاريخ خلسة رغماً

عن

أنوفنا

المدببة

يخصني رغم ذلك أن أكون رغبوياً شيطانياً بعض الشيء ما لم يكن كثيراً إلى نهاية اليوم بعد الشمس بعد القمر بعد الأبد بعد الأزل بعد الحكاية بعد الحماقة بعد التفاهة القصوى التي اتركها بين يديك على الشاطىء غير بعيد عن السلاحف الملولة فوق الرمل وأنت تقولين لي بفم معوج تماماً كم أنت ملولٌ أيضا أيها النزق

 اللعين

 يا

 علي

 

2

 يخصني وحدي كنبي قضيت وقتاً في اللغة البذيئة الرديئة أنني قضيت سبع سنين من عمري اللئيم بين الأحجار الكريمة إلى أن رأيتك على هذه الهيئة المجنونة من الغباء أو الدهشة وسبعاً أخرى بين الكواكب التي من رمل ميت إلى أن أذهلتني وأدميت روحي من أطراف

أصابعي

 يخصني أن تبقى رائحتك فوق الكرسي إلى ألف سنة أي بعد أن تذهبي لإعداد صحن من الباذنجان المثلج في مكان ما من العالم فسيح المحنة والتفاهة والحماقة

 والنذالة

أيضاً

 يخصني ما يخصني وحدي كغزال أملس أن أشبك أصابعي بأصابعك في شوارع هذه البلاد من النار والدم والحطام من الجراد والعسكر والكلاب أن أقول قبل الجسر أحبك وبعد الجسر أحبك في المقهى أحبك قبل أن أبكي على إخوتي الماتوا غيلة غيلة تحت البراميل وبعد أن أبكي على إخوتي الماتوا قهراً تحت القهر والتعذيب من دون أن يسمع أنينهم أو حشرجاتهم أحد بما في ذلك الله الملائكة وملوك الجان

 يخصني

 بعد

 ليتر

 من العرق سيء الصيت والسمعة والمفاعيل أن أقف في عرض الشارع كالعادة كما تعودت أن أصرخ بملء حنجرتي أن أوقفوا القتل يا عرصات يا أولاد الشراميط أن البلاد لنا وليست لكم نحن نحب الحياة والتين والعرق والنساء والعصافير وما يأخذنا الى الله خفافا من الآثام والتفاهات الملوثة بالدم والجنايات والخيانات للهواء والضوء للماء والضباب

 يخصني هنا في الليل أن أكون الذئب والحمل الوديع الجريح على زندك الرقيع في لغتك المتهكتة طويلا في الشعر

 والجنس

 الرخيص

 اللذيذ

 يخصني أن لا أخرج من سورية الوضيعة الرقيعة الأليفة الحنونة الأم الرؤوم الداعرة المنسية في الألم رضاعة الأزباب والاسباب أيتها التي تكتبين نثرك الجميل أو حكاية منفاك التي بأسى في الغربة والمحنة والحنين إلى ديك يعتليك قبيل الفجر في أعلى قاسيون

 الذي

 للكلاب

 والأوغاد

 يخصني أن أشعل ناراً بين فخذيك بعد صخرتين على بحر الله الدموي أن أقول أيها الرب لماذا أمرتني بهذا الشر العظيم ولم تأمرني بإطفاء الحريق

 يخصني غضبك لأن عاهرة مرت في الريح لمحا وغازلتني كطيف كشهوة مفلوتة في الهواء لا صاحب لها ولا دين ولا معتقد

 يخصني

 وحدي

أن أغسل صوتك بالنبيذ كي أسمعه كما أشتهي أن أسمع الصوت كي أشربه كما أشتهي أن أشرب الصوت صوتك

 يخصني أن لا يمس أحد روحي التي وعدتك بها مخبأة في علبة من السردين أو الابنوس القديم

 يخصني وحدي أن أقول لك هنا يمكنك أن تمارسي نزقاً رديئاً نزقاً حكيماً سفالة مجيدة بريئة سفالة غير ذلك أيضاً لأنني بعد قليل قليل من السفالة أنسى ما حدث

يخصني أن أنتظر حماقتك ثم حماقتك ثم حماقتك كذئب يتآكله الضجر الصلب مستجيبا لقول ربه لا تيأس من رحمتي إنني ابتليتك كما لم أبتل أحداً من قبل

أيها

الغلام

علي

*****

خاص بأوكسجين


روائي من سورية. من رواياته "اختبارالحواس"" 1992 و""براري الخراب"" 2000rn"