فأر على الحبل. امرأة في نافذة تنشر غسيلا. رجل فى جلباب ممزق يقف تحت النافذة بعربة لبيع الخُضر.
يتحرك الفأر ببطء مميت فهو يخشى الحركة المضادة على الحبل. تنحني المرأة كفرع شجرة تهزه الريح لترفع قطعة قماش من طبق بلاستيك. يتململ الرجل في وقفته تحت النافذة لعدم وجود الشاري ويلقي بنظره إليها في الأعلى.
الفأر يتملكه الفزع فيتوقف تماما، لكن رغبته في العبور لم تتغير. ترفع المرأة قطعة القماش، تنفضها فى الهواء لطرد الماء، تمسك بالمشابك فى يدها وتضع قطعة القماش على الحبل وتثبتها، وتنحني في اتجاه طبقها البلاستيك من جديد. يخرج الرجل من جيب جلبابه علبة سجائره، يشعل إحداها وينظر في اتجاه قطرات الماء المتساقطة منتظرا النداء، وينفخ دخانه فيصعد إلى أعلى.
يرى الفأر فى قطعة القماش المعلّقة والتي يحرّكها الهواء كيفما شاء عدواً قديماً، فيغلب خوفه حذره، يسرع في محاولة يائسة عبر الحبل للوصول إلى حد النافذة الآخر حيث جحره. ترفع المرأة وجهها عن طبقها البلاستيك في اللحظة غير المناسبة لها وللفأر، تفزع من هرولته، فتلقي بقطعة القماش من يدها في اتجاهه، تأخذه قطعة القماش في طريقها للأسفل متدثرا بها. تُخْرج قطعة القماش الساقطة فوق العربة الرجل الغارق بين ذكرياته ولحظات الملل من شروده، يتحرك باتجاهها ويمسكها فى يده، تتحرك قطعة القماش بين يديه فيفزع ويرتد بجسده إلى الخلف بعد أن يرمي بها. تتحرك العربة تحت ثقل جسده الملقى عليها فتلقي بخضارها على الأرض.صوت المرأة المفزوعة يصل أخيرا إلى أرضية الشارع ويسكن بجانب خضروات العربة. يزن البائع حركته، ويستعيد هدوءه، فيستغفر ربه الذي جعل يومه يبدأ هكذا، ويبدأ في إيقاف العربة ولمّ الخضراوات. تحاول المرأة من النافذة أن تحصل على قطعة قماشها الساقطة أرضا بجانب صرختها. يستغل الفأر حالة الإرتباك التي حلّت على الجميع ،ويلجأ إلى شق في حائط قريب منتظرا أن تهدأ الحركة، بينما يفكر في الجهة الأخرى من الحبل حيث جحره وأطفاله.
*****
خاص بأوكسجين