ماذا أفعل بطفل في السبعين لم يُصنع على عيني؟
لم يتناول طعامه الذي وضعته على المائدة
حين كررت على مسامعه السم الذي تمّ تلقيني إياه:
“اشرب اللبن علشان أحبك”
اتسعت عيناه!
ثم تناول الكوب مني، التقم الثدي البلاستيكي أفرغه دفعةً واحدة
انتظر حتى ارتسمت على وجهي علامة ارتياح مؤقت،
بصق في وجهي كل ما ظننتُ أنني نجحت في حشره في فمه!
ماذا أفعل بطفل في السبعين يصحو كل يوم لا يتذكر البارحة ولا يتذكرني؟
بالأمس سقط مني في طريقنا إلي الحمام المجاور لغرفتي
ساقاه الطويلتان عبثتا بي،
ظننت أنه قادر اليوم على أن يخطو أولى خطواته لاكتشاف العالم
أي عالمٍ ينتظر طفلاً في السبعين يبصق الحليب في وجه أمه المكلومة عليه،
لم يكن هناك عالم ينتظرنا،
كانت الحياة تعيد دورتها من حيث ظننت أنها تنتهي
ماذا أفعل بطفل في السبعين؟
كيف سأقيس نموه هذا الصباح!
هل سأطلب منه أن يقف عند باب المطبخ ويرسل أمراً عسكرياً لجنوده النائمين بعموده الفقري فيقف منتصباً.
أي كرسي سيجعلني أبدو أطول منه؟
ليس لدي حائط يمكننا أن نُعلّق عليه
أزالت أمي كل ما يستدل علينا في البيت الجديد
ماذا أفعل بطفل في السبعين؟
سقط مني البارحة
شُجت رأسه
لازلت أنظر إليه متكوماً داخل المنشفة
في البدء كنت أظن أنني ألده
وأن تلك هي اللحظة التي أمنحه فيها ثدي لكي يتكون رابط أبدي بيننا
أرتبك
تتشوش الرؤيا
فلا ممرضات يحملن إليّ الخبر السعيد
ولا طفل تمنحني عيناه سكينة وأرضاً أتجذر بها.
تأتي النجدة
يتم توجيه أصابع الاتهام نحوي
لا أصلح أن أكون أماً
أنظر إلى إصبع يستطيل ويكشف أسوأ مخاوفي
لربما لن أكون أماً قط
أرتبك
انتزعوه مني
أودعوه أحد مؤسسات الرعاية
في ليلة الغياب الأولي
كان السرير يتسع لشخصين
نمت على الجانب الأيمن كما أحب
لأتمكن من النظر إليه على الجانب الآخر
لم يكن هناك سوى بقايا حليب
يذكرني بأنه تقيأ محبتي
وفراغاً يتسع
أحاول أن أحجّمه بحائط قديم
يحمل علامات نمو لطفلين
أحدهما في الثامنة
على باب مطبخ قديم
بينما أقف عارية الثديين
أتحسس إمكانية تدفق الحليب تارة أخرى
لربما سيعيدونه إليّ في الصباح
سأواجهه بندرة الحليب
ويمكننا تناول شيء آخر
وليكن بعضاً من الحياة على سبيل الرغبة
سأخبره بتساقطي تعباً
إذ أنهكتني الحيل
وعيناي ابيضتا حزنًا
وأني لا أعلم كيف أكون أماً لطفلٍ في السبعين
وأني لست غاضبة
وأني- رغم كل شيء- أحبه.