دهاءُ الفريسة
العدد 268 | 05 كانون الأول 2021
الكيلاني عون


 

أخذني طائرٌ

 

مرَّةً أخذني طائرٌ لمكانٍ بعيد

تركني وحيداً ونسي أين وضعني

هو الآن في قفصٍ مهاجرٍ

وأنا سرقتُ الغابةَ عائداً لبخار الدويّ المجنّح

بقفاف الضوء

ونصيبٍ جوّال ينحني للمارّة

 

شيءٌ لم نقله بعد

 

هناك شيءٌ لم نقله بعد

كأنَّ مارداً يمنع الكلمات أن تطلَّ برأسها على الشارع

وتردّ سلامَ ناسٍ لم يعبروا

أو أنهم في تلك اللحظة يتأمّلون الأفق ويعزفون عن الخروج لأن العاصفة قريبة

وأيديهم المقطوعة مشغولة بالرسائل

 

هذا الفراغ السخيّ

 

يجلس المنشدون على مقاعد متربة

على هررة الفجر تموء أرصفةً وحراشف لابتياع الضوء

وحدهم بلا جمهور، بلا وجوه

يُسْمَع الرعدُ

لكن أحداً لا يقدِّم وردةً

لكل هذا الفراغ السخيّ

 

 

انتظرناهم طويلاً

 

انتظرناهم طويلاً

وصلوا

أخذوا صورهم بقناديل البحر من عيوننا

وذهبوا

سبعة أحجارٍ رماها صمتٌ عتَّالٌ خلفهم

واهباً كبدَ الظلام إغلاقَ بابٍ

سيتابع

دردشةَ الخسوف

 

نحن العراة الأوّلون

 

نحن العراة الأوّلون

نمضغ الهواءَ لنسمع الأنين

ونفتح النهرَ لنقفز كآلهةٍ تبحث عن الكنز

كإرثٍ طليق

يخلق من ريشِ الساعات ناساً

يتقاسمون ثغاءَ الرماد الأعمى

ويرميهم الضّجرُ

بأسماء لا ينامون بجوارها كما يعتقد الغرابُ

 

كل يوم تصير يدي عصفوراً

 

من فتنة الصواب أن أخطئ أحياناً

أو أحفر الأرضَ بحثاً عن اسم وردةٍ

لا وجود لها

ربّما هو السأم

ربما لأن ما يترهل فوق التراب

سرعان ما يخون؛

كل يوم

تصير يدي عصفوراً

تكبر فكاهتهُ فوق كنوز الانتظار

وتكبر خطواتُ العابرين في بقائهم

كلَّما ابتعدوا

 

أحلم بهزيمةٍ

 

بيديَّ موَّهتُ ثقوباً كثيرة

في مركب الصواب

لتغرق الثعابين والخير المدمَّى

بينما أحلم بهزيمةٍ

أتزوّجها بعيداً عن كذبة النصر

وننجبُ بمشيئةِ الخوف

بعضَ الجدران

نسمِّيها الحياة التي 

تقشعرّ منها الطرقات

هزيمة

تكون أقلّ وطأةً

من علامات النصر الشحّاذ

 

مثل غبارٍ لا يتحرَّك

 

يملأ السلّةَ بعيون الغرقى

بكلماتهم الأخيرة لشيءٍ لا يتذكَّرونه الآن

بحصصِ العويل وراءَ الساعات المكسورة

في اِلتماعةِ لا جهةٍ

بأبواق مهشَّمة ومناديل مزروعة

بضجرٍ لا مكتوب على الحصى

ويذهب

يذهب مثل غبارٍ لا يتحرَّك

 

*****

خاص بأوكسجين

 


شاعر وتشكيلي من ليبيا. صدر له: "لهذا النوم بهيئة صيد ""، و""شائعة الفكاهة""."