حكايات السيد كوينر
العدد 184 | 16 كانون الأول 2015
برتولت بريشت


استعار بريشت لقب السيد ك. ليؤلف باسمه مجموعة من الحكايات الطريفة حول أمور ومظاهر مألوفة، يحاول أن ينزع ما هو مألوف فيها ليجعلها مثيرة للاستغراب. وقد نشرت في مخطوطة خاصة بعنوان “حكايات من السيد كوينر”. وهنا ترجمة قيس الزبيدي لبعض الحكايا: 

• قال السيد ك مرة: من يفكر لا يستخدم الضوء أكثر مما ينبغي ولا كسرة الخبز أكثر مما ينبغي ولا الأفكار أكثر مما ينبغي.

• سئل السيد ك. ماذا تفعل هذه الأيام. أجاب السيد ك: أبذل جهداً كبيراً، لأنني أُحضّر لغلطتي القادمة.  

• ماذا تفعل إذا كنت تحب إنسانا ما؟ سُئل السيد ك. فأجاب: أضع مخططاً ليكون قريب الشبه منه.  من المخطط؟  لا. قال السيد ك: الإنسان يشبه المخطط.(جعل من نُحب على صورتنا؟. 

• التقى رجل بالسيد ك، وقد مضى زمن طويل لم يلتقيا به. رحب الرجل به قائلا: أنت لم تتغير على الإطلاق! أوه. قال السيد ك. بينما أخذ لونه يشحب.

• شاهد السيد ك. ممثلة تمر من أمامه وعقب:  إنها امرأة جميلة. فقال رفيقه: نجحت لأنها جميلة. انزعج السيد ك. وقال: إنها جميلة، لأنها ناجحة.

• قال السيد ك: من لا يفهم عليه أن يشعر بأن هناك من يفهمه. ومن يسمع عليه أن يشعر بأن هناك من يسمعه.

• قال السيد ك: لاحظت أننا نبتعد كثيراً عن معتقدنا لأننا لا نترك أي سؤال من دون جواب. أليس من الأفضل لنا، ولو من باب الدعاية، أن نشرع في وضع قائمة بأسئلة، نتظاهر كما لو أننا لم نجد لها حلاً بعد.

• سمع السيد ك. مديحاً عن موظف، بحجة أنه كان موظفا جيدا للغاية، بحيث قضى فترة طويلة في وظيفته ولم يخلف له بديلاً. سأل  السيد ك.منزعجا: كيف يكون موظفاً جيداً من دون أن يجعل شؤون المكتب تدار من دونه. ألم يكن عنده الوقت الكافي لينظم شؤون المكتب بطريقة تجعل الاستغناء عنه مُمكناً. أقول لكم، إنه كان يمارس الابتزاز.

• كمثال على الطريقة الصحيحة لتأدية واجب صداقي، أعطى السيد ك. المثال التالي: جاء ثلاثة شباب إلى أعرابي مُسن وقالوا له توفى والدنا وخلّف لنا سبعة عشر جملاً وطلب في وصيته أن تُوزَّع الجمال علينا بحيث يأخذ أكبرنا نصف عددها والثاني ثلث عددها والأصغر تسع عددها. لكننا فشلنا في القسمة، لهذا نلجأ إليك لتعيننا على تنفيذ الوصية. فكر الأعرابي قليلاً وقال: كما أرى الأمر، فانه ينقصكم جمل واحد وأنا شخصيا  عندي جمل واحد لا غير، أضعه تحت تصرفكم. خذوه واشرعوا في القسمة وأعيدوا لي ما يمكن أن يتبقى لديكم. أخذ الإخوة الجمل شاكرين مبادرته الصداقية وشرعوا في قسمة الجمال الثمانية عشرة  حسب وصية الأب. اخذ الأخ الأكبر نصف العدد أي تسعة جمال والأخ الثاني ثلث العدد أي ستة جمال والأخ الأصغر تسع العدد أي جملين اثنين. وبعد أن أنهوا القسمة، أخذ كل منهم جماله إلى ناحية ووجدوا، والدهشة تغمرهم، أن جملا وحيدا بقيَّ لحاله، ليعيدوه إلى صاحبه، شاكرين له خدمته. يعقب السيد ك. مثل هذا الواجب الصداقي هو الصحيح، لأنها لم يُكلف أحداً أي تضحية خاصة.

____________________________________

قيس الزبيدي: مخرج ومصوّر وباحث سينمائي مقيم بين برلين. تخرّج من معهد السينما في بابلسبورغ (ألمانيا الديموقراطية) عام 1969 حيث درس التصوير والمونتاج. رائد من رواد السينما التسجيلية العربية، من أفلامه التسجيلية: “بعيداً عن الوطن”، و”فلسطين سجل شعب”، و”شهادة للأطفال الفلسطينيين زمن الحرب”، و”وطن الأسلاك الشائكة”. وقدّم روائياً “الزيارة” 1970 وهو فيلم تجريبي قصير، و”اليازرلي” 1974 فيلم روائي تجريبي طويل عانى من لعنة الرقابة أينما عرض،  ولم يعرض كاملاً إلا عام 2010. له العديد من المؤلفات النقدية والبحثية منها: “فلسطين في السينما”، و”المرئي والمسموع في السينما”، و”مونوغرافيات في تاريخ ونظرية الفيلم”، و”مونوغرافيات في الثقافة السينمائية”.

*****

خاص بأوكسجين