إلى صديقي عبد الحي وهو يفكر في رواية المحطة
عبد الحي وهو يسير في النوم
تألم عبد الحي في الخريف
رفع ساقه من البرسيم كنوع من أنواع الرقص
وتلثم بحقل كامل فيه رياح وضفادع وملاءة سوداء
وفي أول الطريق كلب يموت
عليه ذباب ونوع من أنواع النهار
تسللت عين فلاحة من خلف السياج
تراقب:
قِطٌ شاب وهو يبحث عن طعام
قضيب الحمار وهو يحاول
سقف الصفيح وهو يتحرك
وصرخ عبد الحي على صوته وهو يأكل مادة الحديد من الفوران الداخلي
قال لي إن الضفادع وديعة
صوتها مكنسة
وقبّل الأرض كنوع من التعريف بذاته
يحيا في بيت عائلي مع أمه بجانب الفرن
أحدهم تخيل نفسه طاحونة تأتي من مكان بعيد
فسقط في قناة الماء
بين ضحكات زوجته وغناء الطيور
***
أتكلم عن الموقف من الحقول الخضراء والقمح
عن صوت عبد الحي وهو يجهز الأرض للعشار
خمس سنين في كفه يسحبها مع ضربة الفأس
ضامراً يحدق في نبات الفول كي يصبح مثل جاره
يتقلب في الليل متخيلاً خمس فلاحات عرايا يتمددن على كومة القش التي ينام عليها
يفرّ مع صياح الديك في الفجر
يطحن الدقيق ويفكر في النزوح إلى مدينة بعيدة
يشتم أمه في مجرى البول
وينوي زيارة الطبيب في السر
(سأبيع الأرض)
صرخ بأعلى صوته: الحقل يحترق
ماسورة المياه في كف الشركة
عنقه في الجمعية الزارعية كما أوزّة
نتيجة العام عند ثيابه المعلقة
كل ذلك على شاكلة هبوط صناعي حدث لقاعدة في قلبه
فغنى لحبال الليف والماعز
دهن صدره بعلف الكلاب ليقوى
وقطع مائة يوم وهو يدافع عن شيء حدث للحقل الأخضر
***
من الطبيعي أن يأكل عبدالحي ثمار البرتقال ونبات الرجلة
لكن هذا أصبح خيالياً
فخوذة الرجل القادم من السيارة تشبه ذكرياته
سحبها لحاجة التبول
فظهرت ياقة بعنق
لوى نفسه على ذراع ممدود بشكل أفقي
ورأى جدول
خارت العجول
وتقدم جرار زراعي لإزلة البيت المكون من عبد الحي على الطريق
أثبت عبد الحي أنه مع الدولة وجيرانه بترديده صوت لا هو بالشخير ولا هو بصوت ماتور المياه
ومثل عاصفة وصلت أمه تحمل شعيراً
وكيساً به ثمن الطيور
قالت له: الكتب كلها خرجت في الحقل تمشي
وأنت تشخر مع الخراف لتبدد موسم الذرة
تعال إلى الداخل
لأريك صلصة الطماطم على فمك
فأنت متأخر في النوم ساعتين
والجميع هنا قلقون منك
لذا، بعد أن أطبخ نبات السبانخ للغداء
عليك أن تختفي
الجميع يقول بأنك لست إبني
وأنك لا تحب بقرتنا السوداء من سنين.
***
عبد الحي صارم
لم يوافق جيرانه على قتل امرأة حامل
ظهرت في الحقول مع رجل غريب
رغم غرق أبيه في مياه الصرف وهو يحمل إناء الحليب
فأصابه ذلك بعدم الموضوعية
أصبح يبالغ في كل شيء
فمثلا وأنت تحدثه عن أجرة الجرار الزراعي
يتكلم عن الحبل الذي عقده إثنان من جيرانه حول عنق المرأة
يكرر بصورة دقيقة صوتها
(أموت أموت)
ظل عبد الحي يخرج في الليل بين الحقول
يمشي في الطرقات الباردة
وهو يشعر بجميع الأصوات
ويردد: أموت أموت
****
صديقي عبد الحي يستيقظ فجراً ويفكر في الريف
يفكر أن يبيع المزرعة بالكامل مع البيت ويتخبأ بين أعمدة البار
قال لي إنه يدرس الشوارع جيداً
كي يعرف الفارق بين الماضي والحاضر
وذكر لي عن نيته ترتيب مظاهرة جماهرية سيهتف فيها ضد شيء لا يعرفه
سيكون ذلك مريحاً لأعصابه التي التَفتْ حول كومة الــLSD
وقليلاً سيكون في المساء
مع كهف روحي لا يحتوي شيئاً
فقط نوع من الماضي
عبد الحي يحمل حقيبة في النوم
مال إلى الأمام وهو يهمس لي:
رأيت البيت؟
أنا لا أعرف عبد الحي
ظهر في البرد فجأة وعليه كومة طين.
نسخة أخرى من عبد الحي وهي تفكر في المستقبل
كان بين الكراسي
يستمع لمحاضرة عن الحزب
وكانت القاعة فارغة وبها 34 كرسياً ومكتباً وسبورة
وإذ شعر باليأس
نام مفترشاً الأرض
فخرج منه إقليم
كان صوته يهتف
ويمسك رغيفاً
ثم اختفى صوته مع مجموعة أناس آخرين.
***
الرجل يفحص فكرته
خصص وقتاً طويلاً لدراسة الخمر
لكنه فشل
فذهب في رحلة كي يستطيع أن يلتقط نفسه من بعيد
عند المنحدرات الجبلية ظهرت أمه وظهرت إناث البقر
فعاد للفندق يجفف كمية كبيرة من العرق
ونادى على متعهد الأنفار
قال له: سيكون قراري القادم أن لا أتذكر أحد
ابتسم الجميع
ورأى نفسه يكتب بصيغة الجمع والمفرد في نفس الوقت
كتب في البداية عن البطش
ثم مسح الكتابة
وكتب عن المرأة وهي تحاول أن تصبح رجلاً
وتطرق إلى مسألة الليل وهو يهبط على الوديان والشجر
وأيضا مسح ذلك لأنه شعر أنه غير مهم
كتب عن المكان الذي هرب منه
والشمس وهي تسقط على كرسي في المقهى أثناء الشتاء
كتب عن الحبل الذي اقتيد به للسجن
وبول الطريق الذي عنده بيتهم
تخلص من هذا، لأنه وجد أنه عندما يكتب يتورط في الماضي
عمل شعاراً وكتب عنه
ثم كتب عن غرفته وهو وحيد هناك
وكتب عن القارب الذي في النهر
كتب عن ورق الشجر وهو يسقط من الليل
كل هذا الشجر يزحف
أخذ الشجر الليل معه
وأخذ الرجل
إلى وجه أمه وهي ترتجف:
عليك أن تختفي.
نعم، قرر الرجل عدم الكتابة من الذاكرة
وهو يفشل
ويحاول
وقد حدثني بأنه بصدد حل المسألة جذرياً
لكن الأمر يحتاج إلى وقت.
*****
خاص بأوكسجين