قبل أن تنهي يومك تعدُّ ما في منفضتك من سجائر فتخرج بأرقام مدهشة، ثم تخوض غمار معركة لعينة مع النوم.
تصل السابعة صباحاً ولم يمسسك وسن أو نوم! فيغمى عليك وتنام وتفوتك التوقعات الفلكية التي تطالعك مع الأبراج. تستيقظ وأنت في منقلب آخر، على ضفة تجهلها من الحياة، فتضطر للسباحة لملاقاة الضفة الأخرى المجهولة.
لا ترتجي الكثير ولا يخيب ظنّك إن عثرت على الضفة الأخرى ولا شيء فوقها.
ستقول “أبقي توقعاتي دون الصفر وأخمد كل رجاء”.
تريد أن تحيا بأكثر مما يهبه تنفس السجائر الطلق، لكنها اللعنة تلو اللعنة تنزل بك، وتكتب ما تكتب كمجنون معقماً نفسك في أحيان كثيرة بالكحول. لا تريد لجسدك أن يسلّم كأمانة ضاع من أمنّك عليها، ولم يعد وارداً تبيان فضله وما إلى هنالك، فهو إن فعل فحسبه أنه فعل وما همّه إن حمدته ومجدته على فعله ذلك وقد فعله بمليارات ممن هم مثلي.
على كل تريد تسليم هذا الجسد الذي أنت فيه وقد جرى استهلاكه تماماً بلا ذرة تنازل واحدة على صعيد صحته وعيشه وتمكنه من مواصلة هذه الحياة الموجزة، وإن كان من حديث عن الروح فلها أن تترعرع وتتقد مع الاستهلاك الممنهج والعفوي لحاملها أي الجسد، وبالتالي فإن صعودها إن كان من صعود سيكون خاطفاً مفاجئاً.
كل ما في هذه الحياة مقلق محيّر مجهول، ما يتلوها أو ما هو بعدها أمر نجهله تماماً، وفيه من الهراء والعبث والخوف ما يجعل من الحكمة عدم التفكير به. حسناً تفعل بأن تقلق من المرض لا الموت، المرض بتلك الأمراض اللعينة التي تمسح بك الأرض والسرير والمستشفيات، لكن يبقى الأمل بالموت الرحيم.. وكلك أمل به.
كل ما تقدم يندرج ضمن الرفاهية والنعم.. أن تتكلم عن موت رحيم وكل هذا الموت اللئيم الغادر الغاشم الذي يضرب هنا وهناك، كل هذا الموت المحدق بالأطفال.. الأطفال الأطفال يا سفلة!