كان على الزمن أن يبطئ أو يسرع.. لا فرق! ها هو يمضي الآن كما هو دائماً، وما من شيء يوقفه، إلا تلك المحاولات الشفيفة النبيلة، المحاولات المضنية لإيقافه، بالفن والجمال، بالسعي لاجتراح مسارات لا تحتسب بالعقارب وهي تدور وتجهز على الأعمار، ولا تلك الأرقام التي تتوالى من دون أن تلتقط نفساً.
عشر سنوات مرت على أوكسجين، عشر سنوات مرت على هذه التجربة التي تصارع زمناً رديئاً ومن ثم كارثياً، فادحاً ومن ثم مفجعاً، جامداً ومن ثم منفلتاً هائجاً لا يُروض بل يحشد كل عتاده ليروضنا على البشاعة والكذب والتلفيق.
فشل هذا الترويض كامن في هذه المساحة الصغيرة التي اسمها أوكسجين، وهي لا تمتلك إلا أن تواصل ما بدأت به مساحة لأنفاس مغايرة، وهامشاً يناهض المتن الثقافي العربي المثقل بالرداءة والعلاقات العامة، ومع المتغير الدامي انتقل هذا المتن إلى طور الإيغال بالكذب، والتورط بالدم، والتبشير بجنان المسالخ، وتجميل جحيم الانحطاط، ومع الفرصة التاريخية بأن يكون مسموعاً للمرة الأولى حقق نجاحات أسطورية في تطبيق مبدأ “ما يطلبه المستمعون”.
أوكسجين على إيمانها بأن عالمنا العربي غني بجيل مغاير، لكن أياد كثيرة تسعى إلى إخماد أنفاسه، وتشتيت أحلامه، ونقله من ضياع إلى آخر. أوكسجين تؤمن بثقافة عربية مغايرة، وأن الثقافة العربية انتماء ودليلها على ذلك كل ما نشر فيها على مدى السنوات العشر بلغة واحدة شارك في التعبير بها كتّاب من جميع أرجاء عالمنا العربي.
لا ندّعي خلاصاً ولا نتوهم انتصاراً، والهزائم متلاحقات كما لو أنها يومية، إذ ما من فكرة إلا واهتزت وتمرغت بالتراب، وأصبح البديهي بحاجة لإعادة تعريف، إلا أنه الإصرار على الكتابة باللغة العربية ومعاينة إمكاناتها الجديدة المتجددة والمترامية بوصف ذلك آخر ما نتمسك به، وهو خلاص أيضاً أبقى وأهم من أي خلاص آخر.