هناك شاحن خاص بالأمل يزودك به كلما فُرِّغ منك، وعليه تواصل أيامك، مثل يومك اليوم، مثلما هو الأمس وغداً.
لا مواعيد محددة لاستخدامه، وهناك أعطال كثيرة تطرأ عليه تبقيك بلا أدنى ذرة أمل، وللمفارقة فإنك تواصل على اعتبارك انساناً ولست رجلاً آلياً أو هاتفاً متحركاً أو حاسوباً.. ربما هناك من يتحكم بك عن بعد، أو تواصل مستجيباً لدوافع تافهة كما هو العيش والتنفس والعمل.
لهذا الشاحن مزاجه أيضاً، فأحياناً يشحنك بجرعات زائدة من الأمل فتصبح ساذجاً، أو يشحن أناساً وهم لا يمتلكون القدرة على تبيان منسوبه زيادة أم نقصاناً وهم في تفاهتهم ينعمون.
لكن ما من محيد من المحاولة يومياً بشحن نفسك بجرعة أمل، هذا مما لا غنى عنه مهما كانت النتيجة.
“ولقد صدق الذي قال: لا يزال الإنسان مستمراً في إقباله ما لم يعثر، فإذا عثر لجّ به العثار وإن مشى في جَدَدِ الأرض”.
وهذا من “كليلة ودمنة” و”لجّ” معناها تمادى و”جَدَدِ الأرض”: المستوي من الأرض، وقد كان لابن المقفع شاحن أمل وإن قطّعوه إربا كما كل حرٍ الآن عرضة لذات المصير وهو يقبض بالكاد على شاحن أمل شخصي.