خوفك والقتلة
العدد 182 | 08 تشرين الثاني 2015
زياد عبدالله


وأنت تسابقين الزمن تتحركين عكس العقارب.

ما من زمن ولا من يأبه لتاريخ أو أوان!

تفكرين بالجرذان وتسارعين إلى حثها على الخروج من عتمة المجارير إلى نور المدن المغمورة بخراء سكانها، وخوفك من الإعدام يطل من عينيك ويرمي بنفسه منهما ليتلقفه رجال قساة، رجال غامضون، يتلقفون خوفك المنتحر وهو لا يفضي إلى مكان ولا يصل شيئاً، يضيفونه إلى خوفهم فيصير الهلع عاماً منتشراً مترامياً، وكل ما يحدث يؤكد صوابه.

لقد قتلونا، لقد رموا بعائلة كاملة في البئر، وصار عندنا أقفاص للبشر، وأنت تخافين وتخافين أكثر، والطيور المعدنية المتوحشة تتخاطب مع بعضها ولا نفهم ما تقول، وأنت تصدقين أنها لغة طيور، لغة تحليق حر، وانقضاض لا محيد عنه على السفلة.

هناك جحافل منهم، إنهم يتكاثرون بأكثر من الأرانب، القتلة، القتلة الذين يتقاسمون كل شيء، ولا يوزعون علينا إلا خوفك!

لا تسألوا عن بطانيات ولا حليب أطفال! إليكم مناظير ليلية تضمن لكم إصابة الأهداف ليلاً، وهذا سماد للنهوض بالأشجار وممارسة الجوع لحين أن تثمر، وخيطان كثيرة متشابكة وإبرة واحدة تخيط أفواهاً مارست الصراخ كثيراً.. الإبرة دؤوبة والخيطان كثيرة.

أنت في الخوف مجدداً، أنت لم تتركيه حتى تعودي إليه..لا بأس! سنكون في الجنة، إنهم يمارسون كل ما يضمن النجاة من عذاب الآخرة، ويوفرون تعذيباً أرضياً متفوقاً على ما يتوعدون في حياة آخرة، ولا داعي للقلق على الأطفال إنهم عصافير الجنة حتى وإن زرعت زقزقاتهم الفوضى في أرجاء جنان الخلد وضواحي الفردوس وأزقته، وأرّقوا من كثرتهم نوم الملائكة وقيلولة الرب.

 


كاتب من سورية. مؤسس مجلة أوكسجين ومحترف أوكسجين للنشر. صدرت له العديد من الروايات: "سيرة بطل الأبطال بحيرة الانكشاري ومآثر أسياده العظام (1984 هـ)" – (2019)، و"كلاب المناطق المحررة" (2017)، و"ديناميت" (ط1: 2012. ط2: 2018)، و" برّ دبي" (ط1: 2008. ط2: 2018). وله في القصة القصيرة: "سورية يا حبيبتي" (2021)، و"الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص" (2016). كما صدر له شعراً: "ملائكة الطرقات السريعة" (2005)، و"قبل الحبر بقليل" (2000). من ترجماته: "محترقاً في الماء غارقاً في اللهب-مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي" (2016)، و"طرق الرؤية" لجون برجر (2018)، و"اليانصيب وقصص أخرى" لشيرلي جاكسون (2022). وله أيضاً كتاب مختارات من التراث العربي بعنوان "الإسلام والضحك- نواضر الخاطر في كل مستطرف باهر" (2018)،  و"لا تقرأ هذا الكتاب إن لم ترَ من السماء إلَّا زرقتها" (2023) الصادر عن محترف أوكسجين للنشر.