أيامٌ تُفتحُ لها الستائر لا يميز ليلها من نهارها.
أيامُ الرطوبة والشَّمس السائلة والسَّماء المغيبة.
أيام الوليمة الموحشة والطرائد الهاربة والصيد الخاسر.
أيام الجيُّوب الفارغة، وهي لا تقوى إلا على إكمال شهر، ليجهز عليها راتب الشهر.
ثمة انتصاراتٌ في أوراق اللعب، وأهدافٌ تُسجل في كرة القدم، وفلسفةٌ كاملة استخلصت من ازدحامات السير والاختناقات المرورية وتعطل مكيّف الهواء، وصورٌ التقطت على عجلٍ لطرقٍ منارة، وكل عمود إنارةٍ بجانب الآخر كشريط أخبارٍ سرعان ما يلتف على عنق مقدِّم نشرة الأخبار، وفي الشَّريط حروب عبثية، وثورات فاشلة، ودماء حمراء، وسماء رمادية، وطيران على علوٍ منخفض، وإصابات محقَّقة لا تفضي إلى انتصار أحد.
ما من كلابٍ ضالة، ولا أمل بالإصابة بداء الكَلَب، وكل الكلاب لُقِّحت في المكان والزمان المناسبين. أما على صعيد القطط، فهي قليلةٌ ومبعثرةٌ على حاويات الزبالة النظيفة واللامعة، والمواء نادراً ما يحصل، وكلنا أملٌ بالطيور أن تقع علينا إن نجحنا في أن نكون على أشكالها.
ثمة فلسفة ٌكاملةٌ استخلصت من تفاخر الرجال بالفحولة، والمحاولات الحثيثة للنجاة من الوحشية والقسوة والرداءة بخيالاتٍ جنسيةٍ لا تؤذي أحداً، وبطولاتٍ يستحيل اختبارها، ومجابهة الهراء الافتراضي والآخر الواقعي، والتربص بالادعاء.
أيامُ النجوم المطفأة في منفضة السجائر.
أيامُ التَّرنح بلا أدنى أملٍ بالسقوط.
أيامُ التزلج صعوداً.
أيامٌ تفتحُ لها الستائر..
أيامٌ تفتحُ لها الستائر كما لو أنها مسرحٌ ما من نصٍ ليُمثّل على خشبتها، ولا ديكور ولا مُخرج ولا إضاءة ولا أي شيء، سوى حفنةٍ من الممثلين ليس لهم إلا أن يرتجلوا حياتهم.