إلى سوسن…
أقطع مسافة طويلة على دراجتي، أنهبها تلك المسافات لا أعرف ما الذي أسابقه ولا أين هي وجهتي!
أتوقف. أكتب ما يؤرقني و يقضّ أعماقي، ثم أواصل مسرعاً وما من وصول.
على مقربة من الكلب، أترقب عواءه، ودائماً يفاجئني! عاجز عن تحديد البيت الذي يحرسه، وهو ينبح علي يومياً في ذهابي ويتجاهلني في إيابي.
“عو عو” ..تلك كانت أيضاً بداية روايتك وسطرها الوحيد
أخذت منك العواء وواصلت الكتابة:
رموا لي ولم أرمِ.
اصطادوا. أطلقوني إثر طرائدهم.
عو عو ..
حارسهم أيضاً وأكثرهم هلعاً.
قلتِ لي “أكمل أرجوك!”
ولم أفعل! كنت أجد “عو عو” أجمل ما يمكن أن يكتب، كنت مأخوذاً بعجزكِ عن المواصلة، حرصكِ على الإقلال من كل شيء، وتناول هذا العالم لقيمات، بينما تحتفين بي وأنا ألتهمه وأسرف في كل شيء، وحين كنت أتعب كم كان قلقك عليّ مسرفاً.. ذلك أنك تعرفين “كم هو قاتلٌ تعبُ المسرفين وكم هو كفيل بتدمير كل شيء”.
وكم كنت أصارع تلك الرغبة القاتلة بأن أدمر كل شيء، أن أرمي بدراجتي، وأقفز من فوق سور البيت وأهشّم الكلب بماسورة حديدية أن أمزقه بسكين، وأجعل ذهابي وإيابي خالياً من أي عواء، وأحوّل روايتك بسطرها الوحيد إلى صراع مرير بيني وبين الكلب، صراع يترامى آلاف الصفحات، متناولاً العالم لقيمات، ألوكه/ ألوكها ثم أبصقه/ أبصقها.
أقطع مسافة طويلة على دراجتي، تتقافز الجمل، تترامى الصور والشخوص والعوالم، أعود، دائماً أعود حيث أنتِ، أكتب وأكتب كل يوم بإسراف، والكلب لا يتجرأ أن يعوي في إيابي.