كل شيء على مايرام!
بدأنا بثقب هذا الكون والتلصص عليه، انتهينا به مشرع الأبواب، بلا نوافذ، ومعابره لا تعرف عن الدروب شيئاً، والأبواب المشرعة على هذا النحو مدعاة للريبة، فلم ندخل ولم نقفز، ورحنا نبحث عن “الباب الضيق”.
عبرنا من “الباب الضيق”، هربنا بذاك الهروب المضلل، أسلمنا أنفسنا للنهر، للمجرى، للترقرق، على هدي وجهتنا. لم يكن هناك من تعب أو لهاث، وبدت الحدود واهية. كان هرباً آمناً، غُيّب عنه الحراس، ومن وقع علينا بنظر أطلق وروده نحونا، ورحنا نتلقف الباقات والأطواق، ونلتقط الصور لكل ما توارى عنا.
الرعب الرعب – كما يردد كونراد – كان كما القرع على الطبول، والتحصينات على أشدّها، بالكتب والدفاتر والأقلام والأفلام واللوحات، بالحب، بالتطلع، والأبواب من جديد مشرعة، والريبة في محلها تماماً، وهي مشرعة على الخراب، والمسيح يخرج من إنجيل متى يكرز في الغرفة صارخاً “واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك، وكثيرون هم الذين يدخلون منه”.