لا جديد في أن يكون الأرق لجوجاً عنيداً.
لا جديد في أن أكون واثقاً من انتصاره وهزيمتي.
تلك حقيقة دامغة! لا شيء استجد ليلة أمس لأبدّل قناعتي، لا بل كانت حافلة بما يتخطى الأرق، شيء من الترقب يستدعي الهلع.
لكن وللمفارقة راح الأرق يضرب رأسه بحافة السرير، بينما وقع الترقب مغشياً عليه وأنا أغطّ بالنوم ملء الجفون، فقد كانا يعرفان جيداً – الأرق والترقب – ما ينتظرني في الصباح.
استيقظت!
شربت فنجاني قهوة وأربع سجائر.
طفت مع الشرود الصباحي تلك الأفكار العجيبة.
في الحمام خلصتُ إلى أن البنية الثقافية العربية انتقلت من الشفاهي إلى الافتراضي، والآن قفز الشفاهي إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأنا قفزت داخل تاكسي متوجهاً إلى المجهول!
كان سائق التاكسي يستمع لأغنية لمايكل جاكسون ويغني معها Beat it Beat it
السائق (ترجمة ما قاله): هل أذهب من هذا الطريق أو ذاك؟
أنا: Just Beat it
ضحك سائق التاكسي بصخب
السائق: من أين أنت؟
أنا: من سورية وأنت؟
السائق: نيجيريا.
ما أن قال نيجيريا حتى داهمني اتشيبي، وكان هو كل ما أعرفه عن نيجيريا. وصلت وجهتي المجهولة وأنا أردد “الأشياء تتداعى*.. الأشياء تتداعى”.. وفي المكان المجهول قالوا لي “نحن نعرف كل شيء عنك”.. ابتسمت!
كل ما أجهله يعرفني.. والأشياء تتداعى.
_______________________
*عنوان رواية الكاتب النيجيري تشينوا اتشيبي الشهيرة وقد صدرت طبعتها الأولى عام 1958