أوكسجين دائماً
العدد 188 | 01 آذار 2016
زياد عبدالله


تأجل إصدار هذا العدد مراراً، وهو جاهز منذ مدة طويلة، كما هو العدد الذي سيليه، إنها لعنات تحاصرنا متأتية ممن يبغضون هذه التجربة حالت دون إصداره، وهم يريدون إيقاف “أوكسجين” بشتى الوسائل، وهذا ليس بغريب عن ما نعيشه يومياً في عصر الانحطاط، القادر دائماً على إدهاشنا بحقيقة أن هناك المزيد المزيد من هذا الانحطاط.

تتعرض “أوكسجين” لهجمة “تهكيرية” حقيرة، جاءت على ثلاث دفعات أو مراحل، حملت الأخيرة منها الأثر التدميري الأكبر بحيث كان الحرص على إزالة أوكسجين ومحيها من على الشبكة العنكبوتية، ومن ثم توالت اكتشافات أخرى في تعطيل أشياء تقنية من داخل الموقع بحيث لا نتمكن من دخول صفحة “الأدمن” وغير ذلك من تبليغات على “غوغل” لاعتبار “أوكسجين” ذات “محتوى ضار غير آمن”.

تزامن ذلك مع كل ما يمعن في خنقنا، كأن أقرأ مثلا وأنا أكتب ما أكتب هنا عن تفاهات شخص مثل هاني شاكر (يسمى فناناً) وهو يفرض ثياب الحشمة على المغنيات، أو سجن الروائي أحمد ناجي لأنه ألحق بالحياء خدشاً وغير ذلك مما يلف حبل المشنقة حقيقة أو مجازاً حول من يتنفس بحرية، وصولاً إلى الهدنة في سورية التي عليها أن تكون هشة كما يريد كثر، ذلك أن الهشاشة تتصل بحياتنا أو أي قيمة تنتصر للحياة (وما أسهل قتلنا) بينما الصلابة والمتانة حكر على الهراء وأوصياء الأخلاق الذين ينتفضون ضد جمال الجسد وحواسه بينما يتاجرون به مضمّخاً بالدماء، يتداولون صور الجسد إن كان متفحماً ممزقاً، ويقرفون منه متى كان جميلا حياً نابضاً، وكل ذلك طبيعي طالما أن من أمضى حياته بالحفظ والترديد الببغائي يسمى عالماً ها هنا. 

العدد 188 صدر كما لكم أن تقرأوا، وماذا نفعل إلا إصداره رغماً عن كل شيء – الشكر كل الشكر لصديقنا الأوكسجيني أحمد اسماعيل الذي لولا وجوده لاختفت المجلة – طبعاً ستجدون مشاكل كثيرة في الموقع مثل اختفاء الصور ، وخربطة في الأعداد وما إلى هنالك، وهي أمور شكلية ستجري معالجتها تباعاً، المهم أن المحتوى محفوظ بما في ذلك الأعداد القديمة 2005- 2010، ونحن باقون ومثابرون على سرقة الأوكسجين وسط العتمة الخانقة ومثابرون على قطافه من أشجار الزقوم.

نعم لا نملك إلا أن نعود، فأوكسجين كما حمل بيانها الأول في 19 حزيران/يونيو 2005 “هامش بعد أن سحق المتن كل الهوامش، واتسع وتضخم وتمادى بحيث لم يترك ذرة أوكسجين واحدة لمن يريد أن يتنفس بحرية.ليس لنا علاقة بأحد، ولا نكن بالولاء إلا للحياة والحرية والإبداع، ولا نعتمد في تمويلنا إلا على أنفسنا. إنها ومجدداً أرض افتراضية نزرعها معاً وننتظر.


كاتب من سورية. مؤسس مجلة أوكسجين ومحترف أوكسجين للنشر. صدرت له العديد من الروايات: "سيرة بطل الأبطال بحيرة الانكشاري ومآثر أسياده العظام (1984 هـ)" – (2019)، و"كلاب المناطق المحررة" (2017)، و"ديناميت" (ط1: 2012. ط2: 2018)، و" برّ دبي" (ط1: 2008. ط2: 2018). وله في القصة القصيرة: "سورية يا حبيبتي" (2021)، و"الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص" (2016). كما صدر له شعراً: "ملائكة الطرقات السريعة" (2005)، و"قبل الحبر بقليل" (2000). من ترجماته: "محترقاً في الماء غارقاً في اللهب-مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي" (2016)، و"طرق الرؤية" لجون برجر (2018)، و"اليانصيب وقصص أخرى" لشيرلي جاكسون (2022). وله أيضاً كتاب مختارات من التراث العربي بعنوان "الإسلام والضحك- نواضر الخاطر في كل مستطرف باهر" (2018)،  و"لا تقرأ هذا الكتاب إن لم ترَ من السماء إلَّا زرقتها" (2023) الصادر عن محترف أوكسجين للنشر.