مَن أبوك يا آدم؟
العدد 282 | 30 كانون الثاني 2024
سلطان محمد


صفقة

ما رأيُكَ يا موتُ

لو تخدع الجميع

وتأتي تأخذني أنا

بدلًا من أبي؟

ما رأيك، هاه؟

ما رأيك في هذي التراجيوكوميديا الجميلة؟

ولا في مسرحيةٍ لشكسپير.

تعال، جنبًا لجنبٍ، نضحك عليهم جميعًا من بعيد

من وراء الزجاج المعتم:

الزوجة ترمّلت قبيل العُرس

الأب بلا وريث للفقر

الأم بفقد وحيدها وحيدةٌ حقًّا

الخال يبحث عن صديق توصيات الأفلام الجيّدة،

ونحزن معًا يا موتُ

تخالط ضحكتك دمعتي

وتحشو ابتسامي بوجع

ونضم بعضنا مرةً أكون أباكَ

ومرة تكون بوجه زوجتي

لكنني، لو وافقتني يا إلهَ النوم، على خطتي

فسوف أضحك كثيرًا وبلا بكاءٍ حتى يوم القيامة

على السرطان

وقد أُسقِطَ في يديه

ليس بفعل الكيماوي

بل بفعل الشاعر الذي أقنع الموت

بالتحالف معه. هُوذا الشعرُ!

هيا، قل لي: ما رأيك؟

*

عامل توصيل

أنا مرسولُك يا فرفور، سآتي إليك بطعامك من الخارج، سأنوّع لك فيه بكافّة النكهاتِ. لا عليك، حصتُكَ من راتبي محفوظة. لكن عليك أن ترى إلى الموت المتربّص بأبي في الزوايا. هذا العجوزُ مثلُكَ هو أوّل من أطعمك في البيت. أعلم أنك أسدٌ متيافيزيقي فتعامل مع الموت بطريقتِكَ، بُخَّ عليه كلما اقترب من مخدة أبي في منامه. كن حريصًا على الدوام يا فرفور. حتى حين يدخل أبي إلى الحمّام، انتبه: ابن كلبة الغموض هذا يخرج لأبي من بوله بلون أحمرَ كإشارة تحذير في قنبلة. تلك القنبلة أتت بي، وأنا بالكاد طرطيعة. لا تجعل أبي يخرج إذا رأيته دائخًا، أعرف أنك إذا رقد الجميع واحتاجك واحد منا تنقلب إلى رجل ضخم وتسند الضعيف على كتفك. لن أخبر أمي بهذا، لا تهتم، وإلا لتمسّحت بك ونسيتني. أنا أدرك مصالحنا المشتركة؛ ولنتفق الآن، طعامك في أوانه مقابل أن تشتّت الموت عن أوانه مع أبي؛ أوكي، أيها المواءُ الأجمل من المراثي؟

*

أبُ الخريف

لم لا يكونُ للمرء غيرُ أبٍ واحد فقط

ولو كان لهُ عدة أباءَ

لصار لقيطًا

إنه يتيمٌ، في الحالين، وبأشكال مختلفة.

لابد وأن يُقتطفَ الآباءُ

على هذه الشجرة الكبيرة المتشابكة

سأسميها الحياة

سأسميها المصادفات المنويّة

المهم أن الخريف يتعامل مع هذه الشجرة أيضًا

غير أنه يتعامل معها تعاملَ البساتنة الميتافيزيقييّن:

من كل فرع

يقتطف، من أقرب ورقتين لبعضهما، ورقةً

ويترك الأخرى تخضرُّ وتينَعُ في الفقدان

يضع بعض الغصون، وقد جُرّدت من كامل أوراقها،

ويعزف لحنًا لا يناسب غير ناي الريح.

خريفٌ لا يُسمي عند القطاف

لكنه يحوقل كلما كثرت الأوراق

لونه ليس برتقاليًّا

لا لون لهُ

شفّافٌ

بعذُوبةٍ

مثل

ضحكة

أبٍ

عند

ولادة

ابنه

البِكر!

*****

خاص بأوكسجين


شاعر من السعودية.