ﻟﻜﻨﻚ ﺗﺘﺄﺧﺮ، ﺩﺍئماً ﺗﺘﺄﺧﺮ ﺃﻧﺖ!
العدد 142 | 09 أيلول 2013
علا صالح


كان ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺃﻗﻮﻝ؛ ﻳﺨﻂﺮ ﻟﻚ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺪﻫﻦ ﻟﻬﺎ طلاﺀ ﺍلأﻇﺎﻓﺮ ﺍلأﺣﻤﺮ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﻣﺠﺰﺭﺓ ﺃﻭ ﻋﻘﺪﺍً ﻣﻔﺮﻭﻃﺎً ﻣﻦ ﻗﻠﻭﺏ ﺍلأﻣﻬﺎﺕ. ﻳﺨﻂﺮ ﻟﻚ ﻭﻫﻲ ﺗﻀﻊ ﺃﺣﻤﺮ ﺷﻔﺎهها ﻋﻠﻰ ﺑﺸﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﺍﻟﺸﻔﻴﻔﺔ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﻟﺘﻮﻫﺎ آﻳﺲ ﻛﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﺤﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ. ﺭﺑﻤﺎ ﺗﺘﺴﺎءل ﻫﻞ ﻛﺎﻥ ﺧﻨﺰﻳﺮاً ﺃﻡ حلاﻝ. ﻭﻳﺨﻂﺮ ﻟﻚ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺎﺗﻠﺔ.. ﺗﻨﻆﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﺠﻠﺲ ﺍﻟﻘﺮﻓﺼﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﺍﻟﻤﻂﺒﺦ ﺑﻔﺴﺘﺎﻧﻬﺎ ﺍلأﺑﻴﺾ ﺍﻟﻘﺼﻳﺮ ﻭﻳﺨﻂﺮ ﻟﻚ أﻥ ﺗﻤﺪ ﻳﺪﻙ إﻟﻰ السكين في الدرج.. “ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞ” ﺗﻔﻜﺮ، ﻭلأﻥ ﻓﺴﺘﺎﻧﻬﺎ ﺃﺑﻴﺾ وقصير ﺗﺆﻟﻤﻚ ﻋﻴﻨﺎﻙ..”ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞ” ﺗﻔﻜﺮ ﻣﺮﺓ أﺧﺮﻯ، ﻭﺩﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ ﺗﻔﺘﺢ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺒﺮﺍﺩ ﻭﺗﺨﺮﺝ ﺣﺒﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﺪﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜﺮﺯ ﻭﺍﻟﻔﺮﻳﺰ ﻭﺍﻟﺘﻮﺕ ﺍﻟﺒﺮﻱ ﻭﺭﻣﺎﻧﺔ.. ﺗﻨﻆﺮ إﻟﻴﻚ ﻭﻫﻲ ﺗﻀﺤﻚ ﻭﺗﺼﻔﻖ ﺑﺤﺬﺭ ﻟﺘﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ طلاﺀ ﺃﻇﺎﻓﺮﻫﺎ.. ﺗﻀﺤﻚ ﻭﺗﺼﻔﻖ ﻛﺸﻴﻂﺎﻧﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ.. ﺗﺨﺘﺎﺭ أنت ﺍﻟﻨﺼﻞ ﺍلأﻛﺜﺮ ﺣﺪّﺓ، ﻭﺗﻨﻆﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﺒﺘﺴﻤﺎً ﺛﻢ ﺗﺘﺬﻛّﺮ “ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞ”. لا ﺗﺨﻠﻮ ﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻚ ﻣﻦ ﺭﺍئحة ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ، ﺗﻔﻜّﺮ ﻟﻮ ﻭﺿﻌﺖ ﻫﺬﻩ ﺍلاﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻴﺲ ﺑﻮﻙ ﻛﻢ إﻋﺠﺎﺑﺎً ﺳﺘﺤﺼﺪ؟! ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ بطيئة، ﺃلا ﺗﻌﺘﻘﺪ ﺫﻟﻚ؟ ﺣﺴﻨﺎً، ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﺣﺒﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﺪﻭﺭﺓ أﻭلاً، ﻓﺎﻟﺒﻨﺪﻭﺭﺓ ﻣﻜﺘﻨﺰﺓ ﻛﻤﺬﺑﺤﺔ، ﺗﻘﻂﻌﻬﺎ ﺑﺒﻂﺀ ﻭﺗﺆﻟﻤﻚ أﺻﺎﺑﻌﻚ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻣﺮﻭﺭ ﻟﻠﺴﻜﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺪ ﺍﻟﺒﻨﺪﻭﺭﺓ الأملس. ﻗﻠﺒﻚ ﻳﺮﻕ ﺍلآﻥ، ﻫﺎ؟ ﺗﻬﺰ ﺭﺃﺳﻚ ﻧﺎﻓﻴﺎً، ﻓﺘﻨﻔﺮ ﺩﻣﻌﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻴﻚ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺒﻨﺪﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻘﻂﻌﺔ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺑﻨﺼﻞ ﺳﻜﻴﻨﻚ، ﻟﻜﻨﻚ ﺗﻨﺘﺒﻪ ﻟﻬﺎ، ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺗﺠﻠﺲ ﺍﻟﻘﺮﻓﺼﺎﺀ ﻭﺗﻠﻮﺡ ﺑﻴﺪﻳﻬﺎ ﻟﻴﺠﻒ ﺍلطلاﺀ.. 

ﺍﻟﻔﺮﻳﺰ ﺍﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﺟﺎﻓﺔ، ﺗﺮﻣﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ. ﺗﻤﺴﻚ ﺣﺒﺎﺕ ﺍﻟﻜﺮﺯ، مآﻕ ﺷﺨَﺼَﺖ ﻧﺤﻮ ﻗﺎﺗﻠﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺬﺑﺢ، ﻭﺗﻔﻘﺆﻫﺎ. ﺍﻟﺘﻮﺕ ﺍﻟﺒﺮﻱ ﺃﻧﺴﺠﺔ ﻓﺎﺳﺪﺓ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮّﻣﺎﻥ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺒﺎﺕ ﺍﻟﻐﻀﺔ ﺍﻟﻤﻘﺮﻣﺸﺔ ﺍﻟﻤﻠﺘﻔﺔ ﻛﺘﻮﺍئم ﻓﻲ ﻣﺸﻴﻤﺔ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻬﺮﺱ ﺑﻬﺎﻭﻥ، لا ﺗﺨﻒ – ﻫﺎﻭﻥ ﺍﻟﺜﻮﻡ- ﻟﺎ سلاﺡ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ.

ﺗﻬﺮﺱ ﺣﺒﺎﺕ ﺍﻟﺮّﻣﺎﻥ، ﻓﻴﺜﻴﺮﻫﺎ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻂّﺤﻦ ﻭﻋِﺮْﻕُ ﺍﻟﺤﻤﻮﺿﺔ، ﺗﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ أﺻﺎﺑﻌﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﺮﺍﺀ، ﺗﻘﻒ ﺧﻠﻔﻚ، ﺗﺤﻴﻄ ﺑﺨﺼﺮﻙ، ﻭﺗﻘﺒﻠﻚ ﻣﻦ ﺭﻗﺒﺘﻚ لا ﻛﻔﻴﺮﺟﻴﻨﻴﺎ ﻭﻭﻟﻒ ﻭلا ﻣﺎﺭﻟﻴﻦ مونرو..

ﻳﺨﻂﺮ ﻟﻚ أﻧﻬﺎ ﺗﺸﺒﻪ إﻣﻴﻠﻲ يولاﻥ، ﻟﻜﻨّﻚ لا ﺗﻌﺮﻑ ﻣﺎ ﺷﻜﻞ إﻣﻴﻠﻲ، إﺫﺍً ﻫﻲ ﺗﺸﺒﻪ ﻛﻮﻛﻮ ﺷﺎﻧﻴﻞ ﺍﻟﺘﻲ لا ﺗﻌﺮﻑ ﺷﻜﻠﻬﺎ أيضاً.. أﻭﺩﺭﻱ ﺗﻮﺗﻮ، ﻫﻲ ﺗﺸﺒﻪ أﻭﺩﺭﻱ توﺗﻮ ﻭﻓﺘﺎﺓ ﺍﻟﺤﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻨﻘﺶ ﺍﻟﺒﺪﻭﻱ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺎﺑﻌﺖ ﻃﻌﺎﻣﻬﺎ ﺑﺸﻫﻴﺔ ﺣﻴﻦ ﻛﻨﺖ ﺗﺴﺘﻔﺮﻍ..

ﺗﻔﻠﺖ ﺍﻟﺴﻜﻴﻦ ﻣﻦ ﻳﺪﻙ ﻭﺗﺄﺧﺬﻫﺎ إﻟﻰ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ، ﺗﻔﺘﺢ “ﺍﻟﺪﻭﺵ” ﻓﻴﺴﻴﻞ طلاﺀ أﻇﺎﻓﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺮﻑ ﺍﻟﺤﻮﺽ، ﺗﻘﺒﻠﻬﺎ ﺑﺸﻬﻴﺔ ﺣﺘﻰ إﻧﻚ ﺗﻘﻀﻢ ﺷﻔﺘﻬﺎ السفلى..

“ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺳﺎﺧﻦ”، لا ﺗﺴﻤﻌﻬﺎ.. 

ﺗﻨﺤﻞ ﺑﺸﺮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺸﻔﻴﻔﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎﺀ ﻭﺗﺴﻴﻞ نحو ﺍﻟﻤﺼﺮﻑ، ﺗﺤﺎﻭﻝ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﺴﺪﺍﺩﺓ ﻟﻜﻨﻚ ﺗﺘﺄﺧﺮ، ﺩﺍئماً ﺗﺘﺄﺧﺮ ﺃﻧﺖ! ﺗﻐﻠﻖ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺗﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻮﺽ ﺣﻴﺚ ﺍﻧﺤﻠﺖ، ﺗﻀﻢ ﻗﺪﻣﻴﻚ إﻟﻰ صدرك، وﺗﻐﻂﻲ ﻭﺟﻬﻚ بيديك. ﺗﺘﺄﻛﺪ أﻥ ﻗﻠﺒﻚ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﺗﺠﻬﺶ: “ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻌﻤﻞ”. 

ﺗﻌﻮﺩ إﻟﻰ ﺍﻟﻤﻂﺒﺦ، ﺗﻀﻴﻒ ﺑﻌﺾ ﺭﻗﺎئق ﺍﻟﻜﻮﺭﻥ ﻓﻠﻴﻜﺲ ﻭﺍﻟﺤﻠﻴﺐ إﻟﻰ ﻃﺒﻘﻚ، ﺗﺘﻨﺎﻭﻝ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ ﺳﻴﺎﺭﺗﻚ، ﺗﻔﺘﺢ ﺍﻟﺮﺍﺩﻳﻮ: ﻧﻴﻨﺎ ﺳﻴﻤﻮﻥ FEELINGS

___________________________________

كاتبة من سورية

 

الصورة من أعمال الفنان التشكيلي السوري طلال معلّا

*****

خاص بأوكسجين


مساهمات أخرى للكاتب/ة: