لو شاء الله أن يعطيني مزيدا من الوقت، وأن يهبني شيئاً من حياة أخرى في ليبيا، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي. ربما لن أفتي في كل ما أفكر به، لكنني حتماً سأكذب في كل ما أفتيه. سأمنح الأشياء التافهة قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه. سأنام كثيراً، وأحلم كثيراً بالمال والمجد والسلطة، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا “الصاحه” (السليمة) ونترك “الحوله” (المحولة) تعني خسارة ستين ثانية من التمشيط (النهب المشروع) سوف أسير على الرصيف فيما يتوقف الآخرون للسيمافرو، وسأصحو كلص فيما الكلّ نيام . وسأخطف السفراء وليس بالضرورة أن اقتلهم مثل السفير الأمريكي..
لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس مليشيات أو أفغان أو قاعدة وأستلقي في ريكسوس(البرلمان الليبي)، ليس فقط عاري الجسد كأعضاء البرلمان كما صورتهم الميلشيات إنما عاري عن الصحة مثل كل رؤوساء الوزراء تماماً أيضاً. سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم كانوا أحراراً متى انتخبوني، دون أن يدروا أنهم ابتلعوا الطعم . للطفـل سـوف أعطي قنبلة، لكنني سأدعه يحلق وحده أشلاءً للسماء. وللكهول سأعلّمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل الصبر و”التمزيط وداره الكبد”(البهدلة) والأمل الذي يخيب دائما. لقد تعلمت منكم الكثير السيئ والشرير أيها البشر الليبي… تعلمت أن الجميع يريد العيش في ليبيا من دون أن يعمل ومن دون أن يتعب وكأنها بيت إيجار، غير مدركين أن سرّ السعادة لا يكمن في تسلق الجبل لقطع الأشجار بل في “كبرت كانون نار تحته” (إشعال كانون من النار تحته) و”طرح شوايه” (جولة شواء) تعلّمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرّة الأولى فذلك يعني أنه “قفاص”(انتهازي) درجة أولى وأن يده ستمتد للأبد إلى جيب أبيه
تعلّمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق ومن تحت إلى الآخر وليس “المطبس”(المنحني) أو “خاطم الطريق”(عابر الطريق) فقط . تعلمت منكم أشياء كثيرة وسيئة! لكن، قلة منها ستفيدني في مكة، لأنها عندما ستوضب في حقيبتي إلى هناك للحصول على لقب حاج ستكون مجرد مواد غير صالحة. قل دائماً خلاف ما تشعر به قبل فوات الأوان، وافعل ما تفكّر فيه في لحظته وإن “بتسكير رأس” (العناد) لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة التي أراكِ فيها نائمة لكنت “نوضتك بيش اديريلي فطور وتمسحيلي كندرتي وتطبقي الباب ورايا” (أيقظتك لتعدي لي الإفطار وتمسحي لي الحذاء وتغلقي الباب خلفي) ولتضرعت إلى الله أن يجعلني حارساً للبنك المركزي أو المنشأت النفطية أو البرلمان أو الحكومة أو أميراً لمليشيا أو حتى مفتيا للديار الليبية، لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التي أراك فيها لتجاهلتك كما في كل الدقائق العادية، و”شقيت بنفسي”(اهتممت بنفسي أكثر) فقط وليس بخجل، أنك تعرفين ذلك. هناك دوماً يوم الغد والذي هو عطلة لسبب ما أو تعطيل لعدة أسباب ليست “ما”، والحياة تمنحنا الفرصة لنتسلق على جهد غيرنا وندوس غيرنا و”نبلعط” (نكذب) من دون حساب، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير في التبلعيط والتبليط، أحب أن أقول كم أحبك “أيتها الفسخه الممدودة”( الوجه الأبله) وأنني لن أنساك أبداً. لأن الغد ليس مضموناً لا للشاب ولا للمسن فكيف لامرأة
فقد يكون يوم الغد عصيان أو “حرق عجل”( حرق العجلات) أو قطع لطريق أو اغتيال أو لجنة ستشكل نفسها مثل النعجة دولي في شأن من الشؤون، أو أي “طاف عطيه” ( كلام فارغ) أو تفجير في أكثر لحظات الوضوح والإضاءة.
ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين “بلعطت عليهم”( كذبت عليهم) فلا تنتظر أكثر، بلعط بلعط ، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل تلك “السراكه” (العادة)، أو من أجل “تمشيطه من التمشيطات”( نهب مشرعن) أو كذبة من الكذبات، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم “جولاطينة” (مادة تي أن تي المتفجرة) تريحك منهم. حافظ بقربك على مَنْ تحب أن تؤذيهم ، اهمس في أذن الشيطان أنك بحاجة إليهم، أكرههم واعتني بكراهيتهم فالكراهية نبات ظل وحيوان منزلي أليف، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات نابية وسمعهم “وسخ وذنيهم” (كلام مخجل) مثل: “عدي يا ملمد”(اذهب أيها اللقيط) أنت لست ليبي، الله لا يسامحك، من فضلك “سكر خرارتك”(اصمت)، شكراً على “مدت وجهك”( البله) وكل كلمات السب التي تعرفها. لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار مخادعة فالكل مخادع مثلك أو أكثر وربما أقل، فاطلب من الشيطان القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك السيئين ولأحبائك الشياطين كم هم ليبيون.
_________________________
ملاحظة: الترجمة من الليبي إلى العربي تنفيذ “دار الغرياني” (دار الإفتاء الليبية).
كاتبة من ليبيا
الصورة من أعمال الفنانة التشكيلية السورية رؤيا عيسى
*****
خاص بأوكسجين