حين كنّا صغاراً
أرادوا أن يقبضوا على إيقاع قلوبنا
أو يضبطوه
قالوا: لكم نغمة واحدةٌ دندنوا بها
النغمة الوحيدةُ التي لا تزعج الله
قالوا لنا: افعلوا كذا
وسيرضى الله عنكم
ويحميكم، وبعدها لن تحزنوا أبداً
لن تفقروا، أو تخسروا، لن تُظلَموا أبداً
وستذهبون إلى الجنة
حفظنا النغمة وكبرنا
وكنّا نظن أن المواقف ثابتة
وأننا عرفنا كيف نُرضي الله..
وجاء ضجيج
كلٌّ يُغنّي كما تعَلّم
استُبحنا
وظُلمنا
وخسرنا
وصرنا فقراء
ومظلومين وأغبياء
والله لم ينزعج، ولم يكره أحداً..
ولم يقُل شيئاً
ورأينا كيف يمضي الكون غير عابئ وغير عادلٍ
وأننا كنّا نغني خطأً
في لحظات كهذه
كان الإله الذي تزعجه أم كلثوم
لا يغضب إذا نعقوا بالكره والخراب
ولا يؤذي أذنيه صوت الرصاص؟
ولم نُدرك
لِم لا يخسف الأرض بهم يا ترى وهم يغضبونه!
وكيف يعلّق في الشَّعر جمراً
ويرى العطر زنا
و لا يضايقه اللحمُ المستباح
واللقمة التي تُداس
وطفلٌ يعيش في الخراب
وفي لحظات كهذه
صرنا بحاجة للرب الذي عرّفونا إليه في المدرسة
الرب الشرير الذي إن أغضبته
(يسخطك في ساعتها)
ويحول الكفّار إلى قرود
ويشلّ الأيادي والأرجل كلما شتمه أحد
في لحظات كهذه نريد لربٍ أن يتدخل
طالما أن ما يحدث ليس إنسانياً أصلاً
يا أوطان اليأس..
كُلي آلهتك التي صنعتِها
فهي لا تحبنا
ولا تريدنا إلا إذا نعقنا
لقد تعبنا من شروطكم وشروطهم
تعبنا كل يوم من صنم يسقط
ومبدأ لا يلبث أن ينهار على أعتاب اختبار صغير
نحنُ نريد أنفسنا، نريد الله!
________________________________
كاتبة من فلسطين
الصورة من أعمال المصور العراقي فاضل عباس هادي وهي منشورة ضمن كتاب له بعنوان “ولا تنسَ أن السيدة لايكا تنتظرك بالبيت”، والذي يمكن التعرف على مضمونه من خلال قراءة المخرج والسينمائي قيس الزبيدي له في زاوية “كتاب” ضمن مواد هذا العدد.
*****
خاص بأوكسجين