في عيدك
العدد 205 | 17 كانون الثاني 2017
آيات بكري


(لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك) وأنا أفكر بهذا العبارة أتذكر كم عشت وقتا ألملم القمامة من الشارع في مدينتي وأنت في مدينتك تم تصنيفك كعامل نظافة، هل هذا قدرنا أن نلملم ما لا حاجة للآخرين به، أوراق الشدّة التي ألصقتها على دفاتري لسنوات هي محض أوراق تركها أصحابها بعد أن امتصوا جذوة متعتهم منها ، أوراق شاركتهم فرحتهم بالنصر، ألقوها بغضب وقت الخسارة، قبلوا أطرافها ولامست ضحكاتهم، شمت رائحة سجائرهم والفرح، بعناية الآلهة المعذبة ألصقت أطرافها البالية التي خسرت وربحت في الوقت نفسه، فقدت المرأة من الورق وكانت عندي، فقد الشائب من ورق لعب آخر وها هو عندي، أنا التي أمتلك أوراق لعب تمم ألعابكم، فمن امتلك أوراق لعبي كل هذا الوقت؟

 أفكر فيك والنجوم الفسفورية الرخيصة تضيء غرفتي، هل ستغضب حقاً عندما أطلب منك أن تزرع ياسمينة عند مدخل الفرح الخاص بك في يوم عيدك!
هل ستكسر كل علب الزيت الذي وفترته من المواسم القديمة للرقص، تعال عندي وحدي أجلس ببيجامة كتب عليها بخط أنيق “دب” سأطفئ الخرائط الإلكترونية، وجرار الغاز المبعثرة في الأحياء، سآكل مولدات الكهرباء، وسأعيد طلاء الجدران البيضاء بمودة وصبر الأمهات عند مضغ الطعام لصغراهم الذي لم يحملوا أسناناً بعد.

تعال لأقلم على مهل أظافر الكلام الجارح، لأطفئ شهوة السنوات، هل تذكر أن أحدهم قال “من يمتلك السعادة وحده يقرر ماذا يصنع بها” سأصنع لنا بيتا دون جدران حتى لا تتأذى أصابعك من القصف، بيتاً دون سقف لئلا تشعر أننا في قبر. بيتا هو كل ما نملك.

 تعال على شكل سرب حمام، فأنا اليوم ساحة عامة فتحت أبوابها لعابري الطريق، و المؤلفة قلوبهم، أنا فيلم الكرتون المفضل، وإنارة الشارع الخلفي تؤكد كلامي.

تخبرني أن أحد أحلامك هو أن تكون الله، وأحد أحلامي المضحكة أن أمتلك طاقة تشاكرا هائلة كناروتو ، لأنني كمحاربة في عالمي الواقعي لم أتراجع عن كلمة واحدة أخذتها على نفسي. كل تلك الوعود بقيت حية وأتذكرها حتى اليوم، أتذكر أني في الصف التاسع خالفت أحد قوانين المدرسة وصعدت إلى السطح مع حبة برتقال وجلست آكلها بهدوء بدل حصة العربي. وقعت لاحقاً على إنذار مدرسيّ مفبرك، حلمت وأنا في الصف الثامن أن أتحول لسيدة أنيقة تجيد تنظيف المنزل، كنت خارقة أبقى طوال الليل أنظف الزوايا الوسخة، يطلع الصباح وأنا مستمتعة برائحة النظافة التي لم تزعج أمي يوماً. وها أنا اليوم مجرد “دب” يسهر ليكمل اللعبة بطريقة مختلفة فقط. يخبرني حبيبي الافتراضيّ أنه من الطبيعي ّ لفتاة في مثل سني أن تحظى بزوج وبيت بجدران كثيرة ولوحات، يخبرني بذلك كلما قلت له : “تعال”

يقول لي كم من الجميل لو تشاركنا السرير والحمام، فأخبره عن روايتي المفضلة، عن الحروق الطفيفة التي حصلت عليها مؤخرا على يديّ، والندوب على أصابعي .
بحزن يرد “كم أنتِ هشة”

أنا الفتاة الهشة، أجيد ترتيب المنزل، وأحاول أن أرتب أي شيء إلا حياتي. وسعت الشوارع الخلفية في قلوب الكثيرين لكن شوارعي بقيت ضيقة، طبخت الكثير للذين أحبهم، لكن أحد لم يطبخ لي ولا حتى صحن سلطة!

فهل أنا بحاجة لكل تلك الألوان المرتبة في صحن السلطة؟

 

قبل عيدك الأسطوريّ سأخبرك بأنني أضفت ثلاثة خنادق مضاءة بالشموع الرخيصة إلى قلبي لأن الأعياد باتت كثيرة وأنا أحتفل بها وحدي حتى اليوم.
 فيما مضى طلبت من سانتا كلوز أن يحضرك لي على شكل مغلف أحمر ، أحاول اليوم أن أرسل لك مغلفاً أحمر فيه سبعون زهرة وإصبعان فهل يكفيك كل هذا يا حبيبي!

*****

خاص بأوكسجين