مَنْ، مِنَ الماضي الذي لستُ أذكره، ديّنَني بكل هذه الديون؟
مديونٌ
رغم أنني جئت وصفحتي بيضاءُ
وأرقامي صفرٌ، كلاهُمَا، ما لي وما عليَّ
جئتُ ولم اختَرْ
وطُولِبتُ بالمزيدِ رغم النزْرِ
عليَّ أن أُعطي ما لست أملكُ
أن أغطّي النائمينَ بلحافٍ من جِلد ظهري
أن أستنفدَ ما هُوَ نافدٌ سلفاً
أن أسقي العطشانَ من رِيق جَفافي
أن أطوي مسافاتٍ بركبتين مكسورتين
أن أعمُرَ بيوتاً ينخرها الدودُ والغرابُ يحرسها
أن أبيَّضَ صفحاتِ ليلٍ لا ينفكُّ عن المحوِ بالسواد
وعليَّ أن اكتشفَ، كلَّ يوم، ما عليَّ لكي أتنازلَ عمّا هو ليس لي
مديونٌ
واللهُ يقول لي يا كريمُ يا ذا الديون سلّفني دُعاءكَ
والسماءُ التي أتوسّلُها كلما اتقدَت بالمطر تبخَل عليَّ بالغمامة
أما ملائكةُ المديونين فلا تضع اسمي في قوائم الانتظار
بحُجّة أنني لم أستلف من أحدٍ قطُّ
وعندما اعترضت قيل لي إن ديوني قبليّةٌ
وتِلك لا تُسدَّدُ إلا في الما بعد
مديونٌ
البنوك لا تعرف وجهي
التجار يكرهونني لأنني فضيحتهم
الرأسماليّة تزدريني حيث لا تكيّفتُ معها ولا فهمتُ ماركس
والآخرةُ في انتظاري كعجوز غليظ في يده نوتة صغيرة ملآنة بشخابيط وأرقام حول اسمي
مديونٌ
ولا أعرفُ لمَنْ عليَّ تسديد كل هذه الديون!
*****
خاص بأوكسجين