كان ينقصنا ما يفيض عنا.. هذه العبارة موجودة في العنوان أيضاً وها أنا أعيدها إذن!
أضع هذه الجملة أمامي وأتقاسم ضياعها مع كل من أصادفه، وأضيف إليها أن رمضان شهر مموه، الجوع والعطش تمرين على الغزوة الكبرى، وإن كان ما لذَّ وطاب يأتي بعد عناء الروحنة المعذبة.
دائماً أتخيل نفسي في معركة وعلينا أن نصمد برفقة الجوع والعطش، لنأكل أعداءنا، المفطرون على سبيل المثال مع فرض حالة الطوارئ على الأكل والشرب وإقامة محاكمات ميدانية بعيداً عن أضعف الإيمان ونحن نقوّم بأيدينا ما رأيناه منكراً.
آمين، لا أعرف أيضاً من أين تهبط علي هذه الكلمة، آمين يا رب العالمين.
المهم جاء العيد وهلّ هلال آخر.
القتلى يعتد بهم في هذه البقعة من هذا العالم ولا شيء آخر، وفي مساندة لهذه الخيلاء يمكن إضافة اللاجئين، كون سورية من بين الدول الخمس هي الأكثر لجوءاً إلى لا أعرف أين، ونحن نتحمل كسوريين كوارث الآخرين، كل كوراثهم، ويليق بنا منصب الشماعة في البلدان المجاورة التي فتحت لنا أبوابها، لينعم الثورجية في ربوعها التي لم تصبها أية كوارث إلا مع مجيء السوريين، ببعض الزجليات الثورية، وهناك صحفية صنديدة تحولت حياتها كلها رهناً لانتصارنا نحن السوريين على الطغيان، وهي ترينا بأم العين كيف يعطي جندي في جيشها الخارق علبة عصير لطفل سوري.. يا الله تكاد عيني أن تعمى من كثرة الدموع.
الجوع ثم العطش، اللحية ثم البوط العسكري، قصف مركّز ثم عشوائي، كبت شهوات ثم إطلاقها في منقلبٍ آخر، طاهرات وسبايا، كفرة وأتقياء، معنا ثم ضدنا، أهل ذمة وأهل بلا ذمة، والعكس صحيح في كل ثنائية على حدة، وربما النجاة من الجنون معجزة، معجزة ألا تنبح وتصفر وتتجشأ في آن، في هذه البقعة الأشبه بمصح عقلي لا يشفى فيها أحد.