لم أقد أي زحف وما في بدني موضع شبر إلا وفيه عضة حب أو طعنة شهاب مضيء أو رمية سهم يشير إلى لا مكان، فما همي إن مت موت البعير.
قدرتي على تحريف الأقوال المأثورة على أشدها، كما دائماً وأنا كل ما أحفظه أضيف إليه، أحرّفه، أطوّعه، ليتملص مني فيصير لي، كما لو أنني على الدوام منتقم غير جبار من الحفظ والتحفيظ والتلقين.
ويل للمحرفين، كما لا يقول لي السيد غونتر غراس وأنا أعيد قراءة “سنوات الكلاب” ورديةً ورديةً ونهر “الفايكسل” بعيد والفزاعات قريبة جداً كما لو أنني غراب أعيش سنوات الكلاب، ولا نباح أتقنه، بل أحرّفه إلى نعيق ليشبّه لهم بأني لست منهم ..الكلاب.
صباحاً أسمع قرع طبول، وما من طبل صفيح واحد من بينها، وفي السماء المتبقية من أرض في طور الانقراض أفكّر بأن أحطّم الزجاج بصوتي، كل زجاج على سطح هذه الأرض المنهكة من القتل، كأن أؤذن بصوت حاد كنصل لا ينحر بل يكسّر، نصل أحرّفه كما لو أنه صوت أوسكار، صوت أطلقه إلى أن تتفتق لي تفاحة آدام شبيهة بتلك التي لمالكه فيحسبها القط فأراً في عنقي.
“لقد بدأ كلبك قبل كلبي وقبل كلب الكلب” يا أيها المبجل غونتر غراس، لقد قالوا لنا لن ندع لكم أن تبتلعوا أوسمتكم ولا حتى صليباً معقوفاً أو هلالاً كمعادل مشرقي، قالوا لنا سندعكم تبتلعون طوائفكم لتختنقوا بها، لتكونوا البعير وليس موتكم فقط.