لا أهتدي إلى معرفة ناتج 300/6 أبدا. بل ولا تسعفني ذاكرتي إزاءه رغم ما أبذله من جهد للقبض عليه، خصوصا أنّي لا أكادُ أحتاجُ في حياتي اليوميّة سوى إلى معرفة هذه النّتيجة؛ ما من قضيّة مستعجلة تُطرح أمامي في البيت أو في حفلات الزّواج أو خلال الأعياد أو في عملي أو في محلّات الملابس أو في المقهى أو أيّام البحث عن شقّة لقضاء أسبوع على البحر، ما عدا ناتج 300/6. أبدأ أوّلا بالبحث عن النّتيجة في ذاكرتي، أعتصرها دون جدوى، وحين أتأكّد تماماً من أنّي لن أتوصّل إلى النّتيجة فإنّي أتنازل عن القليل من كرامتي وأتخيّل شخصاً من أولئك الذين يضحكهم أن يعجز أحدهم عن حلّ مسألة بديهيّة للغاية. أجعلُه يقف أمامي ويقول لي باستهزاء: أحقّاً لم تعرفها؟ هه، إنّها كذا. غير أنّ الشّخص يقول «كذا» ولا يعطيني الحلّ. حالما يختفي الشّخصُ من أمامي، أستدعي أناساً من هلام يتحاورون بجواري لعلّ أحدهم ينطق بالحلّ في سياق حديثه، إلّا أنّهم يواصلون حديثهم في السّياسة أو عن مزايا ذروة الجمل الطبّية. أطردُهم ثمّ أحذف صفراً على اليمين قائلا: حسنا! لِمَ لا أجرّب 30/6 أليس ذلك أسهل؟ لكنّي أصطدم بمشكلة أخرى وهي أنّ 30 أصغر من 6 وأنّها دون شكّ لن تتحمّل أن تُقطَّع بتلك القسوة. حين يخلو عقلي، يبدو لي أنّه من المحتمل ألّا تعود 30 إلى أصلها لو قسمتُها على ستّة. أواصل تعذيب دماغي أكثر فيكتُب العمليّة بخطّ واضح في شاشة هوائيّة تحيط بي. فجأة يكسو المعادلة غبار أبيض كالجير فيحجبها، أنتبه فإذا عقلي يعرض عليّ اختبار بعض النّتائج الجاهزة كأن أقول: أتكون 4 أو 3 أو دخاناً أصفر يصعد في شكل خيط قبل أن يختفي أو أيّ شيء آخر؟ إلّا أنّ 6 تأبى أن تتضاعف حتّى تصل إلى 30 بعدما أصبحتْ لسبب غامض عدداً لا نهائيّاً، ولحظة، أتخيّل العمليّة جملة اسميّة ناقصة. أشرع فوراً في إتمامها فتلوح لي كلمات مبهمة تنطفئ بسرعة كالشّرارة ويتملّكني غباءٌ يعيدني إلى الصّفر، ودون إضاعة للوقت أكرّر كلَّ شيء منذ البداية، عندئذ، وقبل أن أتخطّى الحيلة الأولى يصيبني نوع من الفراغ وفقدان للذّاكرة يتمثّل لي في هيأة تهديدٍ بصرف النّظر عن إيجاد الحلّ وإلّا لن أصحو من غيبوبتي المؤقّتة أبداً. أستسلم للنّسيان فتعود لي ذاكرتي: آه، نعم، تذكّرتُ، كنتُ أبحث عن ناتج 300/6.. لا بأس! لا شيء خطير. في نهاية المطاف، هذا ليس شأني وحدي كما أنّي لستُ الوحيد هنا.
*****
خاص بأوكسجين