وشمٌ أعلى النَّهدِ الأيمن
العدد 243 | 02 أيار 2019
فتحية الصقري


 

عيناها تلمحانِهِ في كلِّ وقت 
يلمعُ مثلَ أيِّ شيءٍ حقيقيٍّ، كلَّما قالتْ: أُحِبُّك
في المرآة غالباً
غالباً في المرآة 
هل أنتَ أنا؟
هل أنا أنت؟
وشمٌ أسود 
ليس فراشةً، ولا قلباً 
بل اسمُ امرأةٍ أخرى يسكنُ أعلى نهدِها الأيمن.
تفتحُ الزرَّ الثالثَ من القميص
يغمرُها ذلك الشعورُ السيّء 
الذي لا يمكنُكَ أنْ تراه، 
أو تلمَسَهُ، أو تحسَّه.
ثمَّةَ شيءٌ دائمُ الحركة
يغلقُ الأبوابَ، كلَّما انفتحت
الكلماتُ لا تخرج 
تنتفخُ، تتمدَّدُ، تنفجرُ في المساراتِ الورديَّة
بغنجٍ مطعَّمٍ بالمرارة.
جسدٌ لا يعرفُ أينَ تذهبُ حرارتُه
يتكوَّرُ تحتَ الشراشفِ البيضاء،
مثلَ قطٍّ مسرَّحٍ من قفصٍ غيرِ ملائم
حاجتُه للمسِ متدنيَّة
حاجتُه للألمِ والضحكِ متذبذبة.
وشمٌ أسود
ليس فراشةً، ولا قلباً

بل اسمُ امرأةٍ أخرى 
صورتُهُ في عينيك، آثارُهُ في لسانِك
تكتب:
“خدني لحنانك خدني عن الوجود وابعدني”*
يشِعُّ الوشمُ في سوادِه
يشعُّ في احتراقِهِ المتخيَّل
في نومِهِ الأبديِّ، أعلى نهدِها الأيمن
أقترحُ للحاجاتِ الغامضةِ أنْ تبادرَ بالصُّراخ
أنْ تشجِّعَ الحواسَّ على ارتكابِ مخالفة
أقترحُ لأصابعِكَ أنْ تجرحَ السكوت
أنْ تُزيلَ بأقصى ما لديها من طموح
علامةً مشوِّهةً تحتلُّ
مِساحةً مهمَّةً
تحتَ كتفِ إمرأةٍ تحب،
تحبُّ لدرجةِ الوقوف -ربما لسنوات 
فوقَ حدِّ سورٍ عالٍ يحرسُ أرضاً مهجورة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*من أغنية لأم كلثوم

*****

خاص بأوكسجين


شاعرة من عُمان. صدر لها: "جمهور الضحك"" 2016، و""أعيادي السرية"" 2014، و""قلب لا يصلح للحرب"" 2014، و""نجمة في الظل"" 2011."