اقتضت الخطة أن أجري لقاءً مع شاعرنا نوري الجراح في حانة لطيفة في منطقة “البرشا” بدبي، وهكذا تواعدنا في “مدينة الصيف” التي لم تكن “سماؤها من شتاء”، عكس قصيدته “مدينة المطر” المكتوبة في صيف بيروت 1983:
“في مدينة الصيف
التي سماؤها من شتاء
أحلم، يا حبيبتي
بمدينة المطر”.
الحلم إذاً بـ “مدينة المطر” طبيعي جداً، ولعله مطلب ونحن حيال تموز لاهب في صيف دبي، وكذلك الأمر بخصوص السماء، الغائبة تماماً والرازحة تحت رحمة الغبار والرطوبة. لكن ما همّي! إذ إن تلاشي القيظ والصيف بالمتناول، بالقصائد، بقصائد نوري الجراح! ويمكن لملاكٍ أن يخرج من قصيدة ويعيد للسماء زرقتها “لأرى كيف يتكسَّر الضوء ويستظل الظل ويتثنى القرمزي. كيف تنفتُّ وردة وينضاف ليلٌ إلى الكأس (…) لأكون مطلع حديقة في نزهة”.
اقتضت الخطة أن أتحلّى بكل ما يتطلبه الأمر من أسئلة وسعي حثيث لتلقي إجابات عليها. لم يصمد هذا العزم لدقائق، لا بل وأنا في الطريق، قلت في نفسي أي تدبير هذا، يا للحماقة! وتبيّن لي بما لا ريب فيه، بأنني سأكون ناجحاً جداً إن مضى اللقاء كما هي لقاءتنا الكثيرة، في سهرات يطلع الفجر فيها كما لو أنه تغيير في إضاءة الغرفة التي جمعتنا لا أكثر، وبتسجيلي الآن هذا اللقاء أكون عوضت جزءاً صغيراً جداً من جلسات كثيرة رغبت بتسجيلها، ولعل آخرها لم تكن تفصلني عنها سوى شهرين.
حين طوى الجبل
ما إن التقينا حتى بدأت الرحلة وتحولت الأسئلة إلى سؤالٍ واحد، متبوعاً بين الفينة والأخرى باستدراكات واستيضاحات، متّبعاً خطة عفوية محكمة، عمادها التحفّيز والتحريض على استعادة بعض من حيواته المتعددة والمتشعبة، والمضي مع نوري الجراح، إنساناً وشاعراً أولاً، وصحافياً ورحالة وشاهداً على مراحل تاريخية وإبداعية مفصلية، كائناً تاريخياً أو أسطورياً وهو يمزج في شعره بينهما، ربما على شيء من “مجاراة الصوت” وهو صوت مترام ومتجدد، راسخ ومتوثب في آن معاً.
لتبدأ الرحلة إذاً:
“نزلت من قاسيون
وطويت الجبل
حقيبتي صغيرة، وسؤالي كبير
شبّاك دمشق مقفل،
وقلبها الخائف في دولابها،
في موضعه
ترك الصِّبْيَةُ المنتحرون كرة الصُوف.
لتوصد الباب ورائي
وتغزل الكنزات للموتى
و
تنتظر.”
غادر نوري دمشق في كانون الأول 1981، وفي حقيبته الصغيرة الواردة في القصيدة أعلاه “كتاب (مسرح العبث) وكتاب لأندريه جيد وكتاب الثعالبي (فقه اللغة) كان قد استعاره من والد الفنان موفق قات، ولم يعده حتى تاريخه. ومع تلك الكتب بنطال جينز وقميص وغيار داخلي. غارد دمشق من “مخيم اليرموك” إلى بيروت، ولم يعد إلى مدينته الأثيرة منذ ذلك التاريخ، فقد كان لديه موقف رديكالي من النظام “لم يكن أمامي إن بقيت إما المقبرة أو السجن أو مشفى المجانين…فهربت”.
من المنطقي أن يمضي نوري للحديث عن بيروت، إلا أنه ظلّ في دمشق، والسؤال الوحيد الصريح الذي سألته إياه، كما أسلفت، كان عن أول مكان يتبادر إلى ذهنه حين تُذكر دمشق؟ هذا السؤال سيبقى مهيمناً على كل حديثه، وكلما تفرع أو تشعب أو مضينا نحو ملمح من حياته وشعره، يعود إليه! بدأ من “مخيم اليرموك”، ومن ثم استدعى أمكنة كثيرة راحت تهبط عليه من دون سابق إنذار، كما لو أنه يراها أمامه: عمودا معبد جوبيتر والبائع هناك ينادي “بيضة ورغيف”، وسوق النسوان والباعة ينادون “تعي لهون وشوفي”، مقام الشيخ محي الدين ابن عربي، وكانوا حينها يوزعون شوربة وحلاوة، وتأخذه والدته إلى المقام عندما يصاب بـ “أبو كعب”، مستعيداً السبيل المقابل له، وضربة الشيش.
يعود إلى بيته في “البشكتاب”بمنطقة “المهاجرين”. ومن “محي الدين” إلى “قبة السيار”، وصولاً إلى سوق الحميدية نزولاُ إلى “المسكية” و”المناخلية”، و”قلعة دمشق” وبقربها “سوق الخجا” و”سوق الزرابلية” حيث كان يعمل ولم يتجاوز الثامنة من عمره لدى خاله ويعطيه 6 ليرات في الأسبوع. هناك كان يرطن بالفارسية والتركية، ويعتبره خاله ومعشر التجار وعلى رأسهم تاجر كازاخي اسمه حجي غلام، مترجمهم في هذه اللغات بما هو متعلق بالتجار والزبائن الأتراك والإيرانين والمفاصلة بالأسعار ونحو ذلك، وليتعلم لاحقاً الروسية في “المعهد الثقافي السوفياتي”، هو الذي انتسب إلى الحزب الشيوعي السوري ولم يتجاوز الثانية عشرة من عمره. قلت له: تربيت في الحزب؟ أجابني: “نعم تربيت فيه وانشققت عنه”. وماذا تبقى لديك من لينين؟ “فكرة الحرية والعدالة الاجتماعية”.
المقاربة الحسية للتاريخ
أسأل نوري وفقاً لنشأته، هل يعتبر مقاربته للتاريخ ماركسية؟ يجيب، “فيها ملامح ماركسية” ويعود إلى دمشق ليتحدث عن علاقته بالتاريخ، حين كانت صديقة لأخته تريد التخلص من كتب تاريخية منها كتابي المؤرخ السوري محمد محفل “تاريخ اليونان” و”تاريخ الرومان” أخذهما نوري، “قرأت كل كتاب بليلة واحدة، كما لو أنهما حكايتين، وعندما عرفت أن الجامع الأموي أصله معبد جوبيتر صرت أضع يدي على العامودين العريضين فيه وأقول يد أي جندي لمسته هنا. لقد كانت مقاربتي للتاريخ حسية وعلى شيء من المعايشة، وحين هيمن حزب البعث على الدولة والمجتمع وجدت في التاريخ معادلاً زمنياً ضد الحاضر. دمشق بالنسبة إلي مكان أدبي وأبدي، دمشق حُطمت وقامت مراراً، وهي على تقاطع ثلاث قارات وبالتالي تقاطع حضارات متصارعة، تمازج فيها الآشوري والآرامي والسومري والكلداني. الآشورية ليست العراق إنها سورية… لأن الدولة الآشورية تمتد من المتوسط إلى نينوى بما يشمل جزيرة ساموس أي سام أو شام، وهذه هي سورية”.
أسأل: ألا تلتقي بهذه المقاربة مع الحزب القومي السوري؟ “نعم تصوره دقيق جغرافياً وأهم كتاب على الإطلاق في هذا السياق هو كتاب أنطون سعادة (نشوء الأمم) و(الصراع الفكري في الأدب السوري)، لكني لست مع تطبيق هذه الأفكار أيديولوجياً وحزبياً بل حضارياً. (قبرص نجمة سورية) كلام ليس من فراغ، ففي متحف نيقوسيا العناصر النحتية وثيقة الصلة بالنحت السوري القديم، ومعركة معاوية “ذات الصواري” وقعت هناك وأم معاوية الصغير مدفونة في لارنكا ولها مسجد، وبهذا المعنى فإن معاوية بن أبي سفيان لم ينتقل وخلافته إلى بلاد الشام، بل انتقل إلى سورية الطبيعية”.
يمكن اتخاذ ما تقدّم كخلفية لحضور التاريخي والأسطوري في شعر نوري الجراح. في مجموعاته الأولى يتلامحان، يظهران ويغيبان، ولعله كان يستخلصهما من اليومي والمعاش، من المحسوس والملموس فيؤسطره، فهو لم يكن يستدعيهما، بل يحاكيهما ربما! يخلق ما هو موازٍ للأسطورة والتاريخ، ومنافس لهما أحياناً، واعتباراً من مجموعته “يوم قابيل والأيام السبعة”، أو المجلد الثالث لأعماله مضافاً إليه “الأفعوان الحجري – مرثية بَرْعَتا التدمري لمحبوبته ريجينا”، هيمن التاريخي والأسطوري، وبات نوري يستدعيهما، ويضعنا حيال تقاطعات مدهشة، مطولات، تسرد شعراً ماضي الحاضر الآن أو حاضر الماضي الآن، كما لو أنه يصوغ ملاذاً جمالياً أمام هول المأساة السورية، مقدّماً سرداً شعرياً للمأساة، عبر اختبار البعد التاريخي والأسطوري للعذابات السورية واللجوء والشتات، فالأسطورة كما يقول: “معادل معارض للواقع، ينتصر على الزمن الفيزيقي”.
تعدد الأصوات
وعن المؤثرات الأولى يتحدث نوري عن المسرح أول ما يتحدث، وإن كان مرد ولعه بالفترة الهلنستية في دمشق تعود إلى كتابي محمد محفل سالفي الذكر، فإن المؤثر الأكبر بشعره هو المسرح الإغريقي، والمسرح عموماً الذي علّمه “تعدد الأصوات. أعطاني أصوات المجتمع، بينما القصيدة أحادية الصوت”، لكن يبقى المسرح الإغريقي هو المؤثر الأكبر وما زال، وبكلماته “قراءة المسرح الإغريقي الصافي”.
“لقد درست المسرح في (فرقة المسرح الحر) في زاروب متفرع عن شارع العابد، وكان هناك ثلاثة أساتذة محمد الطيب وعبد اللطيف فتحي وسعد الدين بقدونس، وكان الأهم فتحي، كما ساهم في تأسيسه نهاد قلعي”. وشارك كممثل في “المسرح القومي”، وظهر في مسرحيات مثل “أنتيغونا” و”زواج على ورقة طلاق” إخراج محمد الطيب وتأليف ألفريد فرج، ومسرحية سعدالله ونوس “سهرة مع أبي خليل القباني” وكانت من إخراج أسعد فضة في أول تجربة إخراجية له.
وماذا عن الشعر؟ ماذا عن المؤثرات الشعرية الأولى؟ فإذا بالحديث يأخذنا إلى قراءات نوري الأولى، وبحر متلاطم من الشعراء، بما يدعنا حيال قارئ نهم يتلمّس طريقه إلى الشعر حينها، مأخوذاً بامرئ القيس والمعلقات وأبي العلاء. “تولعت بشعر أبي فراس الحمداني وأبي تمام والبحتري أكثر من المتنبي الذي أحببت أجزاء منه. قرأت (فصوص الحكم) في فترة مبكرة من حياتي فقد كان الكتاب متواجداً في مكتبة أبي، وقد أخذني إلى عوالم، راحت تتردد عميقاً في نفسي، أستعيدها وأعود إليها لاحقاً لأفك ما استعصى عليّ. قرأت الإلياذة بترجمة سليمان البستاني، وهي تجربة عجيبة لكونها جاءت موزونة ومقفاة. أتذكر للآن مطلعها العجيب (رَبَّةَ الشعرِ عن آخيل بن فيلا … أنشدينا واروي احتداماً وبيلا)، وصولاً إلى مالك بن الريب، وابن زريق البغدادي ودوقلة المنبجي صاحبا اليتيمتين، ومحمود درويش وبدر شاكر السيّاب”.
أما الشعر المترجم، فإنه يبدأ بـ ليمرنتوف وبوشكين وصولاً إلى ناظم حكمت ونيرودا. “لكنني تولعت بشاعرين هما طرفا النقيض وأقصد لوركا وريلكه. وأعجبت كثيراً بإليوت شاعراً ومفكراً، وكان الناقد الفلسطيني يوسف اليوسف يقرأ لي قصائده بالانجليزية. أحببت انشقاق ألفريد بروفورك عن نفسه ليراقبها في قصيدة إليوت (أغنية حب جاي. ألفريد بروفورك)”.
الصبي والحصار
يمكن لما تقدّم أن يكون حديثاً بلا منتهى، وعلى شيء من القراءة المترامية التي أسست للعوالم التي سيجترحها نوري في شعره، ولعل أسماء أخرى ستتردد في سياقات متعددة، كما هو الحال مع الشاعر والمناضل كمال خير بك، حين استعدتُ تصديره لقصيدة “الأمير” في مجموعته الشعرية “مجاراة الصوت” بسطر له هو “كان مثلي غيمةً ثم انهمر”، فإذا بنوري يستعيد قصيدة خيربك عن المناضل وديع حداد الذي اغتاله الموساد بقطعة شوكولا مسممة “أبكي غيابك أم غيابي وجوادك الفضي يصهل عند بابي…”، وليستدرك قائلاً كمال خيربك ووديع حداد وفؤاد الشمالي هم مثقفو النضال الفلسطيني والنقاء الثوري والتحرري. كانوا مثقفين ومناضلين و(إرهابيين) بمعنى ما قاله نزار قباني : أنا مع الإرهاب”. يستعيد أيضاً كتابه أو رسالة دكتوراة خيربك: “حركة الحداثة في الشعر العربي المعاصر”، ويقول “قُتل كمال خيربك هو وبشير عبيد بنفس اليوم ببيت المرأة التي كان خيربك زوجها السابق وعبيد اللاحق …”
هذه قصة من بين قصص كثيرة عايشها نوري، وأوردها للتدليل على ذلك أو إعطاء مثال على ما يذخر به شاعرنا من قصص عاشها، وها أنا هنا أيضاً استعين بقصيدة له عنوانها “صورة عبد الرحمن بسيسو” لتكون معبراً إلى بيروت، أي ما بعد “مخيم اليرموك”، فهو غادر المخيم ومعه رسالة من عبد الرحمن عوض الله سكرتير الحزب الشيوعي الفلسطيني موجهة للشاعر معين بسيسو. “صدمني وجود عنصر معه كلاشينكوف واقف في البناية التي يوجد فيها مكتبه، استوقفني لحين أذن له بسيسو بأن يتركني أصعد. كان يشتغل على مجلة “لوتس”، وعنده روائي سيصبح ذو شأن هو رؤوف مسعد. أعطاني مبلغاً، وقال: هذه مكافأة على المقال الذي ستكتبه. قلت عندما أكتبه أعطني، فأجاب: خذه خذه! وبعدها لم ألتق معين إلا بعد الاجتياح الاسرائيلي وأثناء خروج الفلسطينيين من بيروت، وقد كنت خارجاً معهم إلا أن فتاة كنت أحبها اسمها زينة أنقذتني، ومن بيروت ذهبت إلى قبرص”. في بيروت طبع نوري مجموعته الشعرية “الصبي”، وصدرت أثناء حصار بيروت عام 1982 الذي امتد لثلاثة أشهر، عاشه وعايشه، وكان من ضمن “كتيبة من الشعراء” يقاومون بالكلمة الاحتلال والحصار، وقد أسس حينها محمود درويش وعز الدين مناصرة وعبد الرحمن بسيسو مجلة “المعركة”.
في بيروت خاض نوري الجراح غمار الصحافة، وتعددت التجارب وتنوعت، وترافقت مع صداقات ونضالات وشخصيات وحيوات ومصائر، فهو حين قصد جريدة “السفير” تعرّف على ناجي العلي، و”بدوره عرفني إلى ميشل النمري لنصبح أنا وهذا الأخير مع أمجد ناصر الثلاثي”. وهذه الصداقة والشراكة الإنسانية والنضالية والإبداعية بين نوري وأمجد امتدت عمراً مديداً من بيروت إلى نيقوسيا فلندن، وليفارق أمجد الحياة عام 2019، بينما رحل النمري باكراً حين اغتيل عام 1985 ولي أن استعيد هنا قصيدة أمجد ناصر “ميشيل النمري يخرج إلى القتل” ومطلعها “لم أكن بينهم حينما افتقدوني في الصور/الذين لم يعرفوه أغراهم الوصف/وبالغ القادمون من الظهيرات في امتداح يديه”. النمري من أدخل نوري عالم الصحافة حين كان يرأس مجلة “الموقف العربي” وأعطاه زاوية فيها، يذكر نوري أول مقالين له، الأول حمل عنوان “الصورة الجامدة للحركة… اللقطة المتحركة للحجر” ويتناول فيه “لحظة دخول أديسيوس وقتل الأمراء بالتعاون مع ابنه. “أخذت اللحظة كما هي وأخذت قصيدة لريتسوس اسمها (يأس بينلوب) وقارنت بينهما مع إحالات إلى أفكار أيدلوجية وماركسية كثيرة حينها.” تقول القصيدة: “دخل أديسيوس وبدأنا بقتل الأمراء/وقفتْ على السلم ونظرت إلى جثث العشاق المذبوحين/ ونظرت إلى هذا الشيخ الأشيب/ وكأنها تنظر إلى رغباتها الذبيحة/أمن أجل هذه الجثة انتظرت كل هذا الوقت”. فهي رمز الوفاء الزوجي تجابه وقتها المهدور بانتظار زوجها. المقال الثاني جاء بعنوان “المأمون الذي قتلته سمكة في الرقة”.
“اعترض حيدر حيدر وسعدي يوسف على الزاوية وأنها أُعطيت لشاب غير معروف، كما اعترض القوميون السوريون على تعيين نصري الصايغ لي مديراً لتحرير (مجلة فكر) وأنا شيوعي. طبعاً هذه المجلة هي مجلة الحزب القومي السوري الاجتماعي. لكن ذلك لم يؤثر بنصري الصايغ وديموقراطيته وإيمانه بي ولا بإنعام رعد الأمين العام للحزب حينها، وواصلت إدارة تحرير المجلة ونشرت فيها لكل الأطياف السياسية بعيداً عن انتماء هذا الكاتب لهذا الحزب أو ذاك. طبعاً لم أنتسب إلى القومي السوري، فأنا تركت الحزب الشيوعي ولم أنتسب إلى أي حزب آخر، وإن كان لي أن أفعل فليكن الشيوعي، وكانت علاقتي فلسطينياً مع الجبهة الشعبية والديمقراطية مع علاقة نقدية مع فتح”.
دمي ودم القصيدة
يقول نوري: “لنعد إلى دمشق!” فأسأله: هل دمشق لديك متخيلة أم مستعادة؟ يقول “في جزء منها متخيلة وفي آخر مستعادة. دمشق هي المكان المفقود بالنسبة إلي، هي بقعة، هي أرض، منطقة، علامة، فاصلة حضارية، أيقونة حضارية. دمشق أقوى من الزمن الصغير الذي نعيشه وأبقى. دمشق ليست للدمشقيين فقط، هي رمز سورية والعرب والمتوسطيين، وكل الدم الذي سال في المذبحة السورية هو دمي ودم القصيدة”.
أو كما هو مفتتح كتابه “يوم قابيل و الأيام السبعة” وبه أختم:
“دمُ من هذا الذي يجري في قصيدتك أيها الشاعر؟
عمياء قصيدتك
وصوتُكَ أعمى
لكنّ الهواء يُهدهد السَّهل والعشب يهمسُ للقتيل.
القمح يتطاول
ليرى
ارتجاف الهضبة.
عنق الحاصد جرح المحراث،
من خاصرة الفرات إلى مغارة الدَّم في كتف قاسيون”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خاص بأوكسجين