من “أهل الكتاب الأحمر”
العدد 251 | 15 شباط 2020
سفيان رجب


 

 

أرني إنسانا واحدًا سليم العقل، وأنا سأعالجه.

* كارل غوستاف يونغ

 

تخطيط مغناطيسي لحوّاء

 

يقول كارل يونغ في الكتاب الأحمر أنا طبيب نفسيّ أبحث عن عقد الآلهة، وأعالجها.

يمكنك أن تتصوّر يونغ في مكتبه، يمشط لحيته الشقراء، وفي قاعة الانتظار في عيادته، تجلس الآلهة بانتظار دورها لتحظى بعلاجها النفسي. يمكنك أن ترى الإله أبولو وهو يتخيّل نفسه زهرة عباد شمس، وبجانبه الإلهة أثينا وقد أصبحت تعاني من ألزهايمر خفيف لكثرة ما حملت من حكمة إلهيّة، أرتميس وقد أصبح يتخيّل نفسه طريدة لصيادين مقنّعين لهم وجوه حيوانات. أفروديت وقد أصبحت ترى صورتها في المرآة قبيحة، وتحتاج عمليات تجميل. ديونسيوس وهو مغتمّ بعد ارتفاع أسعار الخمور. زيوس وقد غطت انفجارات الحروب على أصوات بروقه. مردوخ وهو يعاني من سكيزوفرينيا غريبة. بعل حمون وقد فتح ساقيه مثل جبل صغير، يتصوّر أنّ رأسه تحوّل غيمة فارغة. تانيت وقد انقطعت عنها العادة الشهرية بعد ليلة حميمية أمضتها مع بعل حمون منذ شهر تقريبا. إيروس وقد أدمن على العادة السرية. عشتار وهي تعاني من مشاكل في المسالك البوليّة تتخيّل أنّ إحدى كليتيها وقع استئصالها. أمون يتخيّل أنه أصبح بقرة يطاردها أبيس. يمكنك أن ترى آلهة أخرى تعاني من اضطرابات نفسية غريبة: هيدس وهيرا ونيبتون وجايا وكاوس وآبيس وأتوم وأوزيريس… وغيرها من آلهة مريضة نفسياً تنتظر دورها للدخول إلى الدكتور يونغ الذي ينشغل بالتحدث إلى زوجين بشريين غريبين. تقول له المرأة أنا أحبّ زوجي وهو يحبّني، لكن في داخلي رجل يكره المرأة التي في داخل زوجي. ويضيف الرجل وهو ينظر في عينيْ يونغ: الغريب يا دكتور أنّ الرجل الذي يعيش داخل المرأة التي فيّ يحبّ المرأة التي تعيش داخل الرجل الذي يعيش داخل زوجتي. بعد ذلك تعود الزوجة وتتحدث عن الرجل والمرأة اللذين يعيشان داخل المرأة والرجل اللذين يعيشان داخل المرأة والرجل اللذين يعيشان داخلهما هي وزوجها، ثمّ يعود الزوج ويتحدث عن إمرأة ورجل يعيشان في منطقة أعمق في نفسيهما هو وزوجته. ظلّ الزوجان البشريان يتحدّثان عن أعماقهما، والدكتور يونغ يخطّ رسوماً على ورقة بيضاء أمامه، حتى أصبحت شبكة معقّدة من خطوط، وحين رفع رأسه ليكلّمهما لم يجد أحدا أمامه. أثناء ذلك دخل رجل بدائيّ، ألقى السلام على الدكتور يونغ، وجلس.

– ما اسمك؟

– آدم

– ممّ تعاني يا آدم؟

– من الوحدة يا دكتور.

– ليس لك زوجة وأطفال؟

– لا نساء في الأرض لأتزوّج إحداهنّ، وأخلّف أطفالا.

أدرك كارل غوستاف يونغ أنّ حالة الرجل أعمق من حالة الزوجين اللذين كان يعالجهما، ومن حالات الآلهة التي تجلس في قاعة الانتظار، أراد أن يترك الرجل مع ذاته، ويختفي عنه لحظات، ويكلّمه من أعماقه. لكن في اللحظة التي اختفى فيها الدكتور يونغ، تحوّل الرسم المعقّد الذي كان يشخّص به حالة الرجل والمرأة المريضين بالدواخل، إلى امرأة جميلة، قفزت من فوق الطاولة، وعانقت آدم.

 

تحليل نفسيّ لآدم

 

حين عاد الدكتور كارل يونغ إلى مكتبه، وجد الكرة الأرضية الصغيرة التي يضعها على طاولته مأهولة بذرّية آدم، ووجد الآلهة تديرها وهي تتعجّب من المخلوقات المجهريّة التي انتشرت على الكرة الزرقاء. قال الإله أبولو: سأمثّل أمامها أدوار الشمس، وقالت الإلهة أثينا: سأعلّمها الحكمة. قال الإله ايروس: سأعلّمها الغواية. وقال الإله أرتميس: سأعلّمها الصيد. وقال الإله ديونسيوس: سأسقيها الخمر لتكفر بكم جميعكم، فتمسك به الآلهة وتمزّقه. وقالت الإلهة تانيت: إنهم أبنائي. وتبوّل عليهم الإله بعل حمون، قائلاً: إنهم يحتاجون المطر. حاول كلّ إله استعراض قدراته على ذرية آدم، وكان آدم المسكين يبكي مثل أب مقهور أخذوا منه أبناءه للجندية.

بين لغط الآلهة التي كانت تتدافع على الكرة الأرضية، صرخ الدكتور يونغ: سكوت. فصمتت الآلهة جميعها، وتراجعت إلى الوراء.

– من أذن لكم بالدّخول إلى مكتبي؟، لم أفرغ من علاج آدم بعد، وهو جاء قبلكم إلى عيادتي.

ظلت الآلهة واجمة، وهي تتبادل النظرات فيما بينها، ثمّ تكلّمت الإلهة كاوس، وكانت أكبرهم سنّا وأقلّهم عقدا، فقالت:

– نعتذر منك دكتور يونغ، لكن آهات النشوة التي كانت تخرج من مكتبك أثارت فضولنا.

قال الدكتور يونغ بلهجة صارمة:

– رجاء اخرجوا الآن، واقفلوا الأبواب وراءكم.

خرجت الآلهة بصمت منكسة رؤوسها، وكان الدكتور يونغ يقول في سرّه: آلهة مريضة نفسياً وغير مأدّبة.

نظر الدكتور يونغ إلى آدم، وقال له:

– هل شفيت الآن من وحدتك؟

– لكن يا دكتور كنت أحبّ زوجة وطفلين لا غير. وها أنت ترى مليارات من ذريتي تتناسل وتتعانق وتتطاعن بالخناجر والكلمات. ردّ لي وحدتي يا دكتور يونغ.

 

اكتشاف كوكب جديد

 

كان المصوّر الفوتوغرافي نجيب محفوظ في مهمة عمل في صحراء كالهاري لتصوير الحيوانات البرية. التقط صورا مثيرة لأسود تنقضّ على أبقار نو وعلى جواميس وزرافات، وصورا أخرى لضباع تفتكّ بفرائس الأسود، وصورا أخرى لذئاب وكلاب بريّة.. ظلّ أشهرا في صحراء كالهاري يجتهد في التقاط صور السباع والأبقار والغزلان.. حتى التقى يوما بمصوّر فوتغرافي ضرير من أمريكا اللاتينية اسمه خورخي بورخيس، كان هذا الأخير منكباً على الأرض، ويحاول تثبيت آلة التصوير بين أوراق عشبة يابسة.

– ماذا تفعل يا خورخي بورخيس؟

– هل تتذكّر صورة الفهد الذي انقضّ على غزالة، والتي التقطتها أنت منذ يومين؟

– بلى. أتذكرها جيّدا. هي من أجمل الصور التي التقطتها.

– في تلك اللحظة التي خنق فيها الفهدُ الغزالة، سقطت من عنق الفريسة قطرة دمٍ، واغرقت خنفساء صغيرة، وأنا منذ يومين أتتبّعها، تحديدا منذ لحظة خروجها من قطرة الدّم المتخثّرة إلى حدّ وصولها إلى هذه العشبة اليابسة.

ضحك نجيب محفوظ في سرّه من بلاهة هذا الأرجنتيني الضرير، ورأى أن يذهب إلى خيمته ليأخذ قيلولة بدل أن يضيع وقته في البلاهات.

حين نام نجيب محفوظ، أحسّ أنّه يغرق في قطرة دم عملاقة، ظلّ يحاول الخروج منها، ويتخبّط بيديه، ويطلب النجدة برجاء، حتى انقطعت أنفاسه، وامتلأ فمه دما.

أفاق من نومه مذعورا، وقرّر أن يبحث عن خورخي بورخيس. لكن لم يجده في المكان الذي تركه فيه. ظلّ يبحث عنه سبعة أيام في صحراء كالهاري، حتّى وجده منكبّا على فضلات بقرة نو، اقترب منه، فلاحظ أنه يصوّر جعلا يدفع كرة من فضلات النو.

هذا الأرجنتيني أمره عجيب.

– حدّثني يا خورخي بورخيس عن هذا الجعل؟

– أنا لا أهتمّ بالجعل، بل أركّز على كائنين يتجادلان فوق كرة الخراء التي يدفعها الجعل، أحدهما يقول هذه الأرض مسطّحة، والآخر يقول له: بل إنها تدور.

 

الجنديّ الوحيد الذي لم يشارك في المذبحة

 

التقى الجيشان في سفح جبل أرارات، كان الأتراك مسلّحين بالبنادق والسيوف، والأرمن مسلّحين بالصبّر والرجاء للمسيح، وعليه  لم يكن لعدد القتلى أن يحصى. مات الآلاف في ذلك اليوم، وجاءت الخسائر من الجانبين. آلاف من الأرمن ماتوا بطعنات الأتراك يومها، ومات تركيّ وحيد اسمه ناظم حكمت. مات بعد سنوات من تلك الحادثة متأثرا بجراحه العميقة، رغم أنّه كان يراقب الواقعة من بعيد، تحديدا من ثقب التاريخ الرسميّ لتركيا الحديثة.

 

سماء طهران

 

في السنة التاسعة من الألفية الثالثة، قضت المحكمة الإيرانية بسجن المخرج السينمائي جعفر بناهي ست سنوات، ومنعه من تصوير الناس لمدة عشرين سنة، بتهمة المساس بالأمن الإيراني، بعد أن قام بتصوير الاحتجاجات ضدّ نظام أحمدي نجاد. قال له أحد الجنرالات ساخرا:

– يمكنك تصوير الأشجار أو الأحجار أو الحيوانات.

لكن جعفر بناهي وجد فكرة أكثر عبثيّة من سخرية الجنرال، فقرّر أن يقوم بتصوير الغيوم.

ظلّ أياما يركّز الكاميرا على الغيوم، ويراقب تحرّكاتها. ركّز على الغيوم التي تأخذ أشكال بشر، وركّب الموسيقى التي تعبّر عن حركاتها. صوّر غيوما تأخذ أشكال جبابرة تتقاتل، فركّب عليها إيقاع طبول، فبدا المشهدُ كأنه حرب بين آلهة. وصوّر ذات مساء غيمة تأخذ شكل شيخ ملتح يضع عمامة، ثمّ تلاشت الغيمة وهي تقترب من الغروب، واصطبغت بالشفق، فبدت كأنها لحاف ملطّخ بالدّم، وكتب عليها بيتا شعريّا لعمر الخيام، يقول فيها: “يا رب يرضيك هذا الظمأ، والماء ينساب أمامي زلالا؟” وصوّر غيوما تأخذ أشكال نساء ينزعن ثيابهنّ ويصرخن، وركّب عليها صوت شجريان الحزين. انتهى من تصوير فيلمه الذي وضع له عنوان: “سماء طهران”.

حين شاهد الجنرال الساخر فيلم جعفر بناهي المصوّر بالغيوم، ارتعد خوفا، وقال له:

– كان على القاضي الذي حكم عليك بعدم تصوير الناس، أن يحكم عليك بعدم توجيه كاميراتك نحو السماء.

اتفقت السلطات الإيرانية مع جعفر بناهي على حجب فيلم سماء طهران، والسماح له بتسريب أفلامه المصوّرة عن الناس في شوارع طهران، بل والمشاركة بها في المسابقات الدّولية للسينما.

قال له الجنرال الذي تحوّلت سخريته إلى جدّية مفرطة:

– يمكنك تصوير الناس في شوارع طهران خفية، وتسريب أفلامك عبر بطاقات ذاكرة مغلّفة بالشوكولا. سيخدمك قرار منعنا لك للتصوير، ويزيد من شهرتك في العالم. فقط لا تصوّر الغيوم.

 

مدينة الصراصير الحمراء

 

كان الصرصور الأحمر مجرما خطرا، لم تعرف المدينة مثيلا له، يقتل بالطريقة نفسها، يطعن ضحيّته طعنة واحدة في الصدر، ويستخرج قلبها، ويضع مكانه صرصورا ميّتا، لذلك أطلق عليه سكان المدينة هذا الاسم المرعب: الصرصور الأحمر.

 ظلت الشرطة تطارده سنوات ولم تتمكن منه، بعض الشهود يقولون إنّهم يرونه أواخر الليل يقفز بين أسطح المنازل مثل صرصور ضخم، وكانت الشرطة تهبّ بعد كلّ تبليغ عن رؤية الصرصور الأحمر، فتبحث فوق كلّ السطوح، ولا تجد له أثرا.

شيخ المدينة قال: إنّ الصرصور الأحمر هو تجسيد للشيطان، ويؤكّد أنّ كلّ ضحاياه هم من الذين لم يحصّنوا أنفسهم بالصلوات وتلاوة القرآن.

وخطَّ العرّافون التمائم للتحصين من الصرصور الأحمر، ونصت برامج السياسين الانتخابية على الالتزام بالقبض على الصرصور الأحمر.

أحد الروائيين في المدينة كتب روايات وسيناريوهات مستوحاة من الصرصور الأحمر. كلّ المفتّشين في الشرطة يحلمون بالقبض على الصرصور الأحمر، ويضعون ذلك هدفا لنجاحهم في مسيرتهم المهنية. وباتت الأمهات تخيف أطفالهنّ من الصرصور الأحمر لمنعهم من مفارقة البيت. إحدى الرسامات اشتهرت برسومها السوريالية الثائرة، تقول إنّها استوحت مواضيع لوحاتها من الصرصور الأحمر. الصحافيون كانوا يغذّون مقالاتهم بالحديث عن سيرة الصرصور الأحمر، والعجائز كنّ يحكين لأحفادهنّ حكايات غريبة يظهر فيها الصرصور الأحمر وهو يقفز  بين الظلال تحت ضوء القمر.

ساهم الصرصور الأحمر في خلق حركة اقتصادية وثقافيّة في المدينة، لذلك حين ألقى القبضُ عليه حارس إحدى العمارات وسلّمه إلى الشرطة، شكّك الجميعُ في أنّ المقبوض عليه هو الصّرصور الأحمر، لكن قائد الشرطة أكّد بما لا يدع للشكّ أنّه هو بشحمه ولحمه وقشرته الصرصورية الصلبة، وقد اعترف بكلّ جرائمه.

بعد ليلة واحد، وُجد حارس العمارة الذي ألقى القبض على الصرصور الأحمر، مقتولا، وجسده ممزق بآلاف الطعنات، وفي صدره آلاف الصراصير الميّتة.

 

واقعية اشتراكية

 

ذات يوم، جاء إلى العالم رجل يدّعي أنه يتخاطب مع الحشرات، فأكّد لهم أنّ النّمل يتكلّم بفصاحة مثل شيخ زيتونيّ، وأنّ الحمام طائر مهذّب جدّا، فهو يقول لكلّ من يمرّ به: السلام عليكم، أمّا الهدهد فهو ساعي بريد كسول . وجاء بعده رجل ادّعى أنه بقي أياما في بطن ديناصور. وجاء آخر مدعيا أنه يلقي بندقية الكلاشنكوف فتتحوّل تمساحا، كما جاء من يدّعي قدرته على أن يتفسّح في حريق وهو يحتسي قارورة كوكا كولا.

انقسم العالمُ بين مصدّق ومكذّب لهم، وتقاتل الفريقان، حتى سال الدّمُ بينهم أنهارا شقّت جبال الآلب وصحراء كالهاري وسهول أستراليا. ثمّ احتكم الجميعُ إلى إنسان عاقل، فقال لهم:

لنصدّقهم جميعا، ولننظر الآن في أمر ذاك الذي يتخاطب مع الحشرات، أو من بقي في بطن الديناصور، أو محوّل البنادق إلى تماسيح، أو ذاك المتنزّه في الحرائق وكأنّه مخلوق منها.

هل سيزيدون في نسبة المطر في القرن الإفريقي؟ وهل سينقصون من نسبته في الجزر الاستوائية؟

هل سيزيدون في ضوء الشمس أو ينقصون منه؟.

هل سيساهمون في تكاثر الفراشات والسنابل إلى الحدّ الذي لا تجوع فيه العيون والبطون؟

وما كاد الإنسان العاقلُ يكمل حديثه، حتّى هجم عليه الفريقان، ومزّقاه قطعا صغيرة. ومنذ ذلك اليوم لم نر إنسانا عاقلا في هذا العالم.

 

لويس 101

 

كتب ذات مرة الشاعر الفرنسي جاك بريفير قصيدة رصّف فيها أسماء ملوك فرنسا، من لويس الأول إلى لويس السابع عشر، وكتب تعليقا ساخرا تحت قائمة أسماء ملوك فرنسا، يقول فيه: مساكين إنهم لا يستطيعون العدّ حتى العشرين.

لنفترض إنهم واصلوا العدّ حتى المائة، هل كانت فرنسا ستجد الوقت، لتردّد أسماء شعرائها وروائيّيها ومفكّريها وفلاسفتها ورسّاميها وموسيقيّيها..؟.

لا شكّ في أنّها ستظلّ واقفة أمام التاريخ، وهي تواصل إحصاء “لويساتها” من السابع عشر إلى المائة، بصوت منضبط مثل تلميذ تعلّم العدّ للتّو.

 

الرواية الدادائيّة

 

أنهى آدم مرحلة الماجستير في الأنتروبلوجيا، في جامعة كامبريدج، وقرّر العودة إلى موطنه سوريا، لكن حواء هاتفته باكية، وقالت له إنّ وطننا تمزّقه حرب ضارية، وأنّ مسوخا بشريّة غزته، قالت له إنها هربت مع أطفالها الأربعة وتفّاحتها عبر حدود سوريا ولبنان.

قال لها آدم:

– سأرسل إليك أموالا إلى بيروت، لتسافري بها إلى تونس.

– ماذا سنفعل في تونس يا زلمي؟ من الأفضل لنا أن نهرب إلى أوربا. يقولون إن ألمانيا ترحّب باللاجئين السوريّين.

– لا أريد جدالا عقيما يا امرأة. قلت لك سافري إلى تونس، يعني عليك أن تسافري إلى تونس.

ولشدّة تشنجه، ضرب آدم على صدره، وهو يلعن الضلع الذي تحوّل امرأة. لكنه قال: لا يليق بباحث في الانتروبلوجيا أن يتشنّج. حاول أن يكون هادئا مع زوجته، فعاود الاتصال بها:

– حبيبتي حوّاء، سنلتقي في تونس.

– لكن لم لا نلتقي في برلين؟

– يا ابنة الذين… هل رأيت شابّا يقتل أخاه لأجل فتاة في ألمانيا؟ قلت لك اذهبي إلى تونس.

– عمّ تتحدّث حبيبي آدم؟

وانقطعت المكالمة بين آدم وحوّاء.

 

———————–

صدر الكتاب أخيراً عن “دار زينب” في تونس.

 

*****

خاص بأوكسجين


روائي وقاص من تونس. من اصداراته: "القرد الليبرالي""، و""الساعة الأخيرة""."