– 1 –
ربي،
لا أسألك رد القضاء
-أنت لا تحب الرد عادة-
ولا اللطف فيه
-فاللطف ليس من عيوبك-
امنحني فقط من ذاكرتك
كي أتمكن
من التعامل معه
/
ربي،
لا أسالك أي شيء.
لمَ
تسألني
أنت؟
/
ربي،
لم أعد أفهم ما يجري:
هل عليكَ اتكلوا،
أم عليكَ… ركبوا؟
/
ربي،
هذا سرب طائرات
تبصق النار والبراميل،
لمَ تلوِّح له كأنه
رفٌّ من الحمام؟
وهذا قطيع من المتعممين
يمضي إلى حفلة الذبح،
لمَ تبتسم له
كأنه رهط من الحجاج؟
/
ربي،
أحلفكّ برحمة كل عزيز عليك:
هل تتابع نشرة الأخبار،
أو نشرة الطقس على الأقل؟
وهل عندك رأي ما
عن ما يحصل
فوق
هذا
الكوكب التعيس؟
/
ربي،
بربك وبضميرك:
هل تؤمن بما
يريدوننا أن نؤمن به
باسمك؟
/
ربي:
آمين،
على سبيل المثال
مثلاً؟
– 2 –
رفعت عينَّى إلى الجبال
من حيث تأتي طائرات الميغ.
حَسبتُ دوماً أن معونتي تأتي من عند الرب
ولا تنتظر ان يسمحوا لها أن تدخل عبر حواجز الأمن
آتية من بلاد العم سام
أو من بلاد الولي الفقيه.
/
لا يدع رجلك تزلُّ،
فرجلك لم تعد في مكانها أصلاً:
علقها محارب ما،
من جهة ما،
تذكاراً على حائط
أوسمة بطولاته العرمرمية.
/
الرب؟…. لا يحفظك،
الرب؟… ليس ستراً لك.
ابحث عن دريئة ما،
في مقبرة ما،
ذاك أأمن لك
ولما بقي في جسمك من أعضاء.
/
لا تضربك شمسٌ في النهار
ولا قمرٌ في الليل،
إذ لم يبق فيك
ما يضربه أحد…..
لا في النهار
ولا في الليل.
/
رب البلد الجديد
لا يصنع لا سماءً ولا أرض.
رب البلد الجديد
يجلس فقط على كرسيهِ،
ويمد يده لشفاه
قطيع الشهداء
المسافرين -عبر سوريا-
إلى
الجنة.
/
لا ترفع عينيكَ إلى الجبال:
دع جبالاً من التاريخ
ترفع يدها
عن رقبتك.
– 3 –
الرب راعيَّ
فلا يعوزني شيء،
ولا حتى… هو.
/
في مراعٍ خضرٍ… يدفن وطناً
ويعلق فوق قبره
شاهدة تقول:
“قضى
بإحدى
البراميل
المتفجرة.”
/
يَهدي أولاده
إلى مخيمٍ للاجئين
أو إلى نهاية مفجعة
بعد أن تقطعت كل السبل
لا إلى الِبر فقط،
بل إلى كل شيء.
/
عصاه وعكازه
تكسّرا على لحم
كل من قال:
“ارحمنا
يا ألله.”
/
لا رحمتك تتبعنا
ولا رأفتك تظلل حياتنا:
نحن وأنت
مطاردون ومضطهدون
من قبل
كل من يحاربنا
باسمك.
/
هاك شعب برمته
يسير في وادي ظل الموت:
هل تراهُ،
كما يراك؟
– 4 –
انتظاراً انتظرت الرب.
نظرت لأربع سنواتٍ إلى الأفق
من حيث يُفتَرض أن تأتي باصات السماء.
راقبتها تفرغ في شوارع سوريا
حمولاتها من
المقاتلين
والموتى
المشردين
والمهجرين
والمضهدين
والبراميل
والسيوف
والملتحين
والحليقين
والأجانب
والعرب
والآسيويين
والأفارقة
وكل أنواع الأسلحة والترسانات
وكل ما من شأنه أن يمحي الإنسان عن وجه الأرض.
أما الله،
فلم يركب الباص أصلاً
ولم يبدأ الرحلة:
اختطفته جهة ما، من مكانٍ ما
ومازال مصيره المجهول يشغل ساحات الإعلام.
أما أنا، فمازلت
– ككل العاجزين –
أحاول أن أعيش على الانتظار.
– 5 –
رنَّم السوريون لأربع سنوات:
“يا ألله،
ما لنا غيرك
يا ألله.”
أما الله، فكان مشغولاً يرنم:
“يا ألله،
ما لنا غيرك
يا ألله.”
*****
خاص بأوكسجين