كمن يحاول أن يضاجع بعوضة
العدد 151 | 05 أيار 2014
محمد الشوا


1

يلعن مخك

 

أسرح في صبابة أفكاري ..

شارداً نحو البعيد بعينين لا ترمشان ..

على سرير صدئ تعلو قضبانه ويتنحنحُ حديده ..

مصاحباً لأرقي الأزلي ..

أحكي فأراه يتعرق خوفاً ..

أراهُ يفصم ..

والآن تبسم وتكلّم:

يلعن مخك، يلعن مخك ..

جُدْ .. جُدْ .. وهات ما عندك ..

 

فعاجلته على الفور:

 

أكره برودتك ..

أكره ألوان قوس قزح ..

أكره الشعر حين يطأطئ عنقه للخيال ..

 

أنا من يرى الجمال مخبوءاً بقصائد حبلى بالجثث ..

أصدقني القول .. ألأني لم أجد السباحة يوماً .. غرقت بها أكثر ؟

أصدقني القول .. ألأني لم أقد العربة يوماً .. لم أستطع أن أدير مقود الحب لوجهتي؟

 

أتدري: كثيراً ما تتملكني الرغبة بأن أصير قاتلاً مأجوراً كـ Jean Reno بفيلم Léon فأقنص كل من يقترب منها متودداً ب Like أو متملقاً بـ Comment ..

 

كيف لي أن أخبرها بأن أجمل أحلامي أن أكتب الشعر بريشة غمسها من دماء حيضها ..

 

وبأن فرصة اللجوء الحقّة لتائه شريد مثلي ليس صوب صقيع أوروبا .. وإنما لجوء لدفء ينبع من سرّتها ..

***

2

موتي الأخير

 

 

رؤى لليلة في العمر الآتي من موتي الأخير ..

 

شمس مشرقة وألوان قزحية مبهجة ..

وجوه بيضاء وعطور نسائية باذخة ..

مقابر تبسمت طال حنينها ..

ملحدون يؤمنون ومؤمنون يهرطقون ..

ملائكة تنكروا بهيئة البوم أطلقوا على أنفسهم رصاصة الرحمة ..

وسبع قارات نظيفة من الحزن ..

 

دولاب شلّه قفل محكم تتمدد بجواره جثة رجل أمّي ..

زجاجات خمر فارغة حتى الرشفة ما قبل الأخيرة ..

فوارغ رصاص لمحاولات انتحار فاشلة ..

فوط نسائية وكونسروة فارغة كانت تحوي حلمات إناث الكلاب ..

فأر يدعى جيري تسيح دموعه للمرة الأولى ..

اثنان وعشرون مثقفاً يقتاتون على ما تبقى من رسائلي المهمشة ..

***

كمن يحاول أن يضاجع بعوضة

 

يغتسل بالخيبات .. يضرب موعداً مع الفشل .. تحت إبطه فاكهة السفرجل ..

هجرته السيدة (ر) والسيدة (م) .. (غ) .. (ل) .. (ت) () () () ..

 

حجرة في دمشق .. تسرب في أنابيب الطابق العلوي من الجسد ..

دير عطية .. امرأة بيضاء .. غيبوبة من القلق .. مطر يبحث عن بقايا أنقاض ..

شاطئ وهمي و Message in a Bottle .. محاولة لتطهير عجب المستقبل ..

موعد عاشر مع الغباء .. حزن ذات علامة تجارية ..

ومن زمن الوطن الغارق في الموت إلى زمن الغربة ..

 

مترو القاهرة .. أمطار تبحث عن بقايا دموع ..

امرأة سمراء بوعي متزايد مطلي بالرمادي ..

تتلمس تضاريس وجهه .. تقول من هنا مر الخراب ..

جرعة حبروكائين في ورقة تدسها في جيبه .. تقول:

اصطياد الفرح كمن يحاول أن يضاجع بعوضة ..

 

اسطنبول زنزانة كتب على بابها .. لتظلوا صامدين لا تمروا من منحوس تائه يغتال بعضه ..

ألوان قوس قزح دفنت في مقبرة الكلاب .. عاهرات معلبة بالبكاء ..

بول أصفر يسمى جعة .. فتيات شعر ايدهن يكفي لصنع مئة ألف ربطة كتانية ..

خرابة تقوم بإنتاج أحلام مثلجة .. قصائد حب بلاستيكية .. نثر أسود حي ..

***

4

انتحار عقيم 

 

بالأمس ..

 

شرخت حناجر خمس حساسين وبلبل ..

وبأجنحتهم قيدت المستقبل ..

خطيت نعوة بإسمي تقول: انتقل إلى رحمة الأمل ..

كتبت رواية لماركيز سأتلوها له في الجحيم، سميتها: الأسد وشياطين أخرى ..

وفي منتصف الغرفة وضعت فزاعة فرح تلقي السلام على المعزين ..

جهزت حبل مشنقة محكم تتألم خيطانه أكثر من صميم وجع رياض الصالح الحسين ..

 

عزرائيل يرتطم بالأرض ..

ينادي: يا لبؤسك ..

أعلنت انشقاقي عن السماء .. ما عدت قابض أرواح ..

__________________________________

كاتب من سورية

 

الصورة من معرض أقيم في لندن بعنوانزمن لا دولتشي فيتا

*****

 

خاص بأوكسجين


مساهمات أخرى للكاتب/ة: