قصة الرجل الذي صار كلبًا
العدد 227 | 19 شباط 2018
أوزفالدو دراغون


مقدمة عن مسرح العبث أو اللامعقول:

أُطلقت تسمية “مسرح العبث” على مجموعة من المسرحيات في الأدب العبثي، والتي كتبها بصورة أساسية كتّاب مسرحيون أوروبيون في الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن المنصرم، فضلاً عن الأسلوب المسرحي الذي انبثقَ عن أعمالهم، ترتكزُ هذه الأعمال إلى حدٍّ كبير على الوجودية، وتصوّر ما تؤول إليه الأمور حينما يغدو الوجود الإنساني بلا معنى أو هدف، وبذلك تتدهور جميع الصِلات. وينوب الكلام اللامنطقي وغير المعقول عن النقاشات والحوارات المنطقية، والذي يفضي بالنهاية إلى نتيجته الحتمية، الصمت. وقد صاغَ الناقد الهنغاري مارتين إيسلين المصطلح في مقالته المنشورة عام 1962 تحت عنوان ” مسرح العبث”. وربطَ بين هذه المسرحيات المبنية على ثيمة عامة متمثلة في العبثية، على غرار الطريقة التي استخدم بها ألبير كامو المصطلح في مقالته سنة 1942 تحت عنوان “أسطورة سيزيف”. تتخذ العبثية في هذه المسرحيات شكل رد فعل الإنسان إزاء عالمٍ يبدو بلا معنى، و/أو هيئة الإنسان كالدمية المُتحَكم بها أو تتهددها قوىً خارجية غير مرئية. ومع أن هذا المصطلح ينطبق على طائفة واسعة من المسرحيات، إلا أن بعض المواصفات تتطابق في عديد المسرحيات: حيث الكوميديا الهائلة، المشابهة للمسرحية الهزلية غالبًا، والتي تخالطها الصور المروّعة والتراجيدية، وحيث الشخصيات العالقة في ظروف ميؤس منها والمكرهة على الإتيان بأفعال متكررة لا معنى لها، والحوار الزاخر بالكليشيهات والصيغ المبتذلة، والتلاعب بالألفاظ، واللغو، والحبكات التي تمتدُ على نحوٍ دائري أو مناف للعقل؛ فهي تتبدى على هيئة محاكاة تهكمية ساخرة( باروديا)، أو تنحية الواقعية ومفهوم المسرحية حسنة الصنع والتقديم.

ويأتي ما تقدّم في سياق ترجمتنا هنا لمسرحية ” قصة الرجل الذي صار كلبًا” للكاتب والمخرج الأرجنتيني البارز أوزفالدو دراغون (1929-1999)، ولنا أن نعرّف به قبل المضي في عالم هذه المسرحية، فقد ولِلد دراغون في مستعمرة “كولونيا بيرو”، بالقرب من سلفادور في مقاطعة “إنتري ريوس” في الأرجنتين، ثمّ انتقلت عائلته للعيش في بوينس آيرس بعد الخراب الذي أحدثته أسراب الجراد التي اجتاحت مزرعة الكتان التي امتلكها والده. 

 في عام 1953 ترك دراغون دراسته الجامعية سعيًا لإرواء شغفه في المسرح. فانضمَّ إلى مسرح “فاري موتشو “سنة 1956، حيثُ عرضَ عمله الأول، “الطاعون القادم من ميلوس”.  واصل تأليف أعمال جدلية لمسرح “فاري موتشو”، ومن بينها ثلاثيته المسرحية العبثية “قصص تُروى” والتي تتضمن: ” ضربة شمس”، و” حكاية صديقنا بانشو”، و”قصة الرجل الذي صار كلبًا”. ولم ينحصر نشاط دراغون في الأرجنتين وحسب، إذ أنه ابتداء من عام 1961 أقام في بلدان عدة وعمل على الإخراج المسرحي في كثير من بلدان أمريكا اللاتينية، وفي الولايات المتحدة. كما ودأبَ على كتابة أعمال ذات طابع سياسي، وساهم في تأسيس “مسرح كامبانا الكوميدي” في بوينس آيرس عام 1969، وبعد ست سنوات، شهد هذا المسرح العرض الأول لمسرحيته ” حدائق جهنّم”. وفي عام 1996 تقلّد منصب مدير مسرح سرفانتس الوطني. وتوفي في عام 1999 جراء إصابته بأزمة قلبية، هو الذي كان يردد: ” لطالما سكنتُ في الجُزر. فَكوبا جزيرة، ومسرح فاري موتش جزيرة أيضًا. آمل أنه يوما ما ستغدو تينك الجزيرتين قارّة من الإبداعِ والسّحر.” 

من أعماله أيضًا: “المغتصب”، و”توباك أمارو”، و”معجزة في السوق القديمة” والتي نال عليها جائزة دار الأمريكيتين عام 1962.  وفي ما يلي ترجمة كاملة لمسرحية “قصة الرجل الذي صار كلبًا”:

 

طاقم الشخصيات:

الممثلة: الزوجة

الممثل 1: الزوج / الكلب

الممثل 2

الممثل 3

ملاحظة: الممثل رقم 2 والممثل رقم 3 يَظهران بأدوار مختلفة في المسرحية مع الإبقاء على اسميهما، ودونما تبديل زيّيهما.

 

           

الممثل 2: سنروي لكم يا أصدقاء القصّة الثالثة هكذا.. 

الممثل 3: مثلما رويت علينا عصر اليوم.

الممثلة: ” إنها قصة الرجل الذي استحال كلبًا.”

الممثل 3: بدأت هذه القصة قبل عامين، على مقعدٍ في إحدى الساحات.. هناك، يا سيدي…، عندما كنت تحاول اليوم تخمين سرّ الورقة[1].

الممثلة: هناك، حيث أمسكنا العالم بذراعين ممتدتين من الرأس إلى أخمص القدم وهتفنا به: ” اعزف الأوكورديون، اعزف. “

الممثل 2: هناك التقيناه. (يدخل الممثل 1) كان.. (يومئُ)… هكذا- كما ترونه، لا شيء أكثر.. وكان حزينًا جدًّا.

الممثلة: كان صديقنا. وكان يبحث عن عمل، وكنّا ممثلين.

الممثل 3: كان عليه أن يعيل زوجته، وكنا ممثلين.

الممثل 2: لقد حلمَ بالحياة، وصحا على صراخه ليلاً.. وكنّا مجرد ممثلين.

الممثلة: بلى، لقد كان صديقنا العزيز. لقد كان كما ترونه الآن.. (يومئُ) لا شيء أكثر..

الجميع: وكان جدّ حزين!

الممثل 3: ومضى الزمان.. حلّ الخريف..

الممثل 2: فالصيف..

الممثلة: فالشتاء..

الممثل 3: ثم الربيع..

الممثل 1: كذِب! لم يكن في حياتي ثمّة ربيع قط..

الممثل 2: ثمّ الخريف..

الممثلة: فالشتاء..

الممثل 3: ثمّ حلّ الصيف. وعدنا. ومضينا لزيارته، لأنه كان صديقنا.

الممثل 2: وسألنا: ” هل هو بخير؟” وأخبرتنا امرأتهُ…

الممثلة: لا أعلم.

الممثل 3: هل حدث له مكروه؟

الممثلة: لا أعلم.

الممثل 2 والممثل 3: أين هو الآن؟

الممثلة: في زريبة الكلب. (الممثل رقم 1 يقعي على أربع)

الممثل 2 والممثل 3: أوه!

الممثل 3: (يراقبه.)

أنا مدير زريبة الكلب

وهذا يبدو لي استثنائيًا.

لقد وافاني وهو ينبح مثل الكلب

(شرط أساسي)؛

ومع أنه أتى في لبوس إنسان،

إلا أنه كلب، ما من شك.

 

الممثل 2: (متأتأ)

أ-أ- أ نا البي-البي- البيطري

والأ-الأ-الأمر واضح بالنسبة ل-ل-لي

ح-ح-حتى وإن كان يبدو مثل إ-إ-إنسان،

ذا-ذا-ذاك الذي لدينا هنا هو ك-ك-كلب.

 

الممثل 1: (للجمهور) وأنا؟ ما الذي بوسعي إخباركم به؟ أنا لا أعرف إن كنتُ إنسانًا أم كلبًا. وأعتقدُ أنه حتى أنتم لن تكونوا قادرين على إخباري في النهاية. إذ أن كل شيء قد بدأ بصورة طبيعية جدا. قصدتُ مصنعًا بحثًا عن عمل. مرت ثلاثة شهور ولم أحصل على شيء، وذهبتُ مجددا للبحث عن عمل.

 

الممثل 3: أما قرأتَ اللافتة؟ ” لا يوجد شواغر”.

الممثل 1: بلى، قرأتها. ألا يوجد لديكم شيئًا من أجلي؟

الممثل 3: أما وأن اللافتة تقول ” لا يوجد شواغر”، إذن لا شواغر.

الممثل 1: بالتأكيد، ألا يوجد لديكم شيئًا من أجلي؟

الممثل 3: لا شيء لك، ولا للوزير!

الممثل 1: آها! أليس لديكم أي شيء من أجلي؟

الممثل 3: لا!

الممثل 1: عامل مخرطة…؟ 

الممثل 3: لا!

الممثل 1: ميكانيكي…؟

الممثل 3: لا!

الممثل 1: س…

الممثل 3: لا!

الممثل 1: ر…

الممثل 3: لا!

الممثل 1: ف…

الممثل 3: لا!

الممثل 1: حارس ليلي! حارس ليلي! وإن كانت وظيفة حارس ليلي!

الممثلة: (كما لو أنها تنفخُ في النفير.) دوم دا-دا دوم! المدير! (الممثل 2 والممثل 3 يتحدثان بالإشارات.)

الممثل 3: (للجمهور) كلب الحارس الليلي، أيها السيدات والسادة، مات الليلة قبل الماضية، عقبَ خمس وعشرين عامًا من الوفاء.

الممثل 2: لقد كان كلبًا هرمًا جدًّا. 

الممثلة: آمين.

الممثل 2: (للممثل رقم 1) هل تعرف كيف تنبح؟

الممثل 1: عامل مخرطة…

الممثل 2: هل تعرف كيف تنبح؟

الممثل 1: ميكانيكي…

الممثل 2: هل تعرف كيف تنبح؟

الممثل 1: بنّاء بالطابوق…

الممثل 2 والممثل 3: لا يوجد وظائف شاغرة!!

الممثل 1: (إطراقة) هوو! هوو!

الممثل 2: رائع! تهانينا..

الممثل 3: سوف نعطيكَ مرتبًا عشرة بيزوات [2 [2]يوميًا، وبيت كلب، وطعام.

الممثل 2: وكما ترون، إنه يتقاضى عشرة بيزوات زيادة عن الكلب الحقيقي.

الممثلة: عندما عاد إلى المنزل، أخبرني عن الوظيفة التي حصل عليها. وكان مخمورًا.

الممثل 1: (لامرأته.) ولكنهم وعدوني بأنهم سيمنحوني وظيفة أحد العمال بمجرد أن تقاعد، أو توفي، أو سُرّح من العمل. فلتسعدي بالفرصة، يا ماريا، انبسطي! هوو! هوو! فلتسعدي يا ماريا، اسعدي!

الممثل 2 والممثل 3: هوو! هوو! فلتسعدي، يا ماريا، اسعدي!

الممثلة: لقد كان سكرانًا، ياللرجل البائس…

الممثل 1: وباشرتُ العمل ذات ليلة… (يربضُ على أربع.)

الممثل 2: لقد كان بيت الكلب ضيقًا جدا.

الممثل 1: لا يمكنني الربوض هكذا.

الممثل 3: هل تشعر بأنك مضغوط هنا؟

الممثل 1: نعم.

الممثل 3: حسنًا ولكن اسمع، لا تقل لي ” نعم”. يجدر بك أن تشرع بالتعود على الوضع. قل لي: هوو! هوو!

الممثل 2: هل تشعر بأنك منضغط هنا؟ (الممثل رقم 1 لا يتجاوب.) هل تشعر أنك منضغط هنا؟

الممثل 1: هوو! هوو!

الممثل 2: حسن.. (يغادر.)

الممثل 1: لكنها أمطرت تلك الليلة، وتعيّن عليّ أن أحشر نفسي في بيت الكلب.

الممثل 2: (للممثل 3) والآن ما عاد المكان ضيّقًا عليه.

الممثل 3: وها هو داخل بيت الكلب.

الممثل 2: (للممثل 1) أرأيتَ كيف أنّ المرء يعتاد كل شيء؟

الممثلة: المرء يعتاد كل شيء.

الممثل 2 والممثل 3: آمين…

الممثلة: وبدأ يتعوّد.

الممثل 3: إذن، عندما ترى أحدهم يدخل، صِح عاليًا: هوو! هوو!، لِنرى…

الممثل 1: (الممثل 2 يمرُّ راكضًا.) هوو! هوو! (الممثل 2 يمر متسلّلا.) هوو! هوو! (الممثل 2 يمرُّ قرفصةً.) هوو! هوو! هوو!… (يغادر.)

الممثل 3: (للممثل 2) هنالك عشرة بيزوات إضافية في ميزانيتنا كل يوم…

الممثل 2: امممم!

الممثل 3: لكن الرجل المسكين قبالتنا يستأهلها، لقاء هذه الجهود التي يبذلها..

الممثل 2: اممم!

الممثل 3: أضِف إلى ذلك، إنه لا يأكل أكثر من المتوفّى (الكلب.)

الممثل 2: اممم!

الممثل 3: يجب أن نساعد عائلته!

الممثل 2: اممم! اممم! اممم! (يغادران.)

الممثلة: ومع ذلك، لاحظتُ أنه كان محزونًا كاسفَ البال، وحاولتُ مواساته عندما عاد إلى البيت. (يدخل الممثل 1.) جاءنا زوّار اليوم!

الممثل 1: حسنًا؟

الممثلة: والرقص في الملهى، أتذكر؟

الممثل 1: أجل.

الممثلة: ما هي موسيقى رقصة التانغو المفضلة لدينا؟

الممثل 1: لا أعرف.

الممثلة: ما الذي تقصده بأنك لا تعرف؟ ” المرأة التي هجرتني…” (الممثل 1 يجثم على أربع) وفي أحد الأيام أحضرت لي قرنفلة.. (نظرتْ إليه مرتاعة) ماذا تفعل؟

الممثل 1: ماذا؟

الممثلة: أنت على أربع قوائم…(وتغادر.)

الممثل 1: لم أعد قادرًا على التحمّل، سأذهب وأتحدث مع المدير. (الممثل 2 والممثل 3 يدخلان.)

الممثل 3: كل القصة أنه ما من خيار آخر.

الممثل 1: قالوا لي إن رجلاً عجوزًا مات. 

الممثل 3: نعم، ولكننا نقاسي أزمة اقتصادية. فلتنتظر قليلاً، هه؟

الممثلة: وانتظر. وعادَ بعد ثلاثة أشهر.

الممثل 1: (للممثل 2) قالوا لي بأن أحدهم تقاعد…

الممثل 2: صحيح، ولكننا نفكر حاليًا في إغلاق ذلك القسم. انتظر بعض الشيء فقط، حسنًا؟

الممثلة: وانتظرَ. وعاد بعد شهرين.

الممثل 1: (للممثل 3) أعطني وظيفة أحد الرجال الذين طردتهم أثناء الإضراب…

الممثل 3: مستحيل. ستظل أمكنتهم شاغرة…

الممثل 2 والممثل 3: على سبيل العقاب! (يغادران.)

الممثل 1: فإذن أنا ما عاد بوسعي الاحتمال أكثر.. وإني لَمُستقيل!

الممثلة: كانت ليلتنا الأجمل منذ فترة طويلة! (تمسك بيده). ما اسم هذه الزهرة؟

الممثل 1: زهرة…

الممثلة: ما اسم تلك النجمة؟

الممثل 1: ماريّا.

الممثلة: (ضاحكة) ماريّا هو اسمي!

الممثل 1: واسمها أيضًا.. واسمها! (يتناولَ يدها ويقبّلها).

الممثلة: (تنتزع يدها من يده.) لا تعضّني!

الممثل 1: لم أكن أريد أن أعضك.. أردتُ أن أقبّلك يا ماريا…

الممثلة: آه! حسبتُ أنك سوفَ تعضّني… (تغادر. ويدخل الممثل 2 والممثل 3)

الممثل 2: وبالطبع..

الممثل 3: صباح اليوم التالي..

الممثل 2 والممثل 3: كان عليه أن يعاود البحث عن عمل..

الممثل 1: زرتُ عديد الأماكن، إلى أن…

الممثل 3: اسمع… لا شيء لدينا، ما عدا…

الممثل 1: ماذا؟

الممثل 3: في الليلة الفائتة ماتَ كلب الحارس الليلي.

الممثل 2: كان في الخامسة والثلاثين من عمره، يا للمسكين..

الممثل 2 والممثل 3: يا للمسكين!

الممثل 1: واضطررتُ للقبول ثانية..

الممثل 2: هذا صحيح، ودفعنا له خمسة عشر بيزو في اليوم. (الممثلان 2 و3 يدوران) اممم! اممم! اممم!… 

الممثل 2 والممثل 3: طبعًا مقبول! إنها خمسة عشر.. (يغادران).

الممثلة: (داخلة) حتى 450 بيزو لا يكفي لدفع الإيجار..

الممثل 1: اسمعي، بما أنني قد حصلت على بيت الكلب انتقلي للعيش في سكنٍ مشترك مع أربع أو خمس نساء، اتفقنا؟

الممثلة: لا يوجد حل آخر. وبما أنه غير كافٍ لمصاريف الأكل أيضًا..

الممثل 1: اسمعي، طالما أني اعتدتُ على العظم، سأعطيكِ اللحم، حسنًا؟

الممثل 2 والممثل 3: (يدخلان) مجلس الإدارة وافق!

الممثل 1 والممثلة: وافقَ مجلس الإدارة.. الحمد لله!

(الممثل 2 والممثل 3 يغادران).

الممثل 1: ها أنا الآن قد اعتدتُ على وضعي. بدت زريبة الكلب أكبر بالنسبة لي. والمشي على أربع أرجل لم يفرق كثيرًا عن المشي على رِجلين. أنا وماريا نتقابل في الساحة… (يتحرك نحوها.) لأنه ما كان بمقدورها دخول حظيرة الكلب التي أقطنها، وبما أنني لا أستطيع دخول مسكنها.. إلى أن كانت ليلة..

الممثلة: كنا نتمشى. وشعرتُ بتوعك مفاجئ.

الممثل 1: ما الذي اعتراكِ؟

الممثلة: أنا دائخة.

الممثل 1: لماذا؟

الممثلة: (باكية) أعتقدُ.. بأنني سأرزق بطفل..

الممثل 1: أمن أجل ذلك تبكين؟ 

الممثلة: أنا خائفة! خائفة!

الممثل 1: ولكن، لماذا؟

الممثلة: أنا خائفة! خائفة! أنا لا أريد طفلاً!

الممثل 1: لماذا يا ماريا؟ لماذا؟

الممثلة: أخشى.. بأنه سوف يكون.. (تتمتمُ “كلبًا”. ينظرُ إليها الممثل 1 في فزع، ويغادر عَدوًا وهو يعوي. يتهاوى أرضًا. ثم يقفُ منتصبًا.) لقد ذهبَ.. ذهبَ راكضًا! تارة على قدميه.. وتارة على أربع…

الممثل 1: ليس صحيحًا، لم أقف! أنا لا يمكنني الوقوف! خصري يؤلمني إن وقفتُ! هووو! كادت السيارات أن تدهسني… كان الناس يحملقون بي… (يدخل الممثل 2 والممثل 3.) ابتعدوا! ألم تروا كلبًا من قبل؟

الممثل 2: إنه مجنون! استدعوا طبيبًا! (يغادر.)

الممثل 3: إنه ثمل! اطلبوا الشرطة! (يغادر.)

الممثلة: أخبروني بعدئذ بأن رجلا قد رقّ قلبه لحاله، ودنا منهُ بعطف.

الممثل 2: (يدخل) هل ثمّة ما يوجعك يا صاحبي؟ لا يصحّ أن تمكث هكذا على أربع. هل تعلم كم مِن أشياء جميلة بإمكانك رؤيتها إذا ما انتصبتَ على قدميك، ورفعتَ بصركَ إلى الأعلى؟ هيّا بنا، انهض… سأساعدك.. هيّا، قف…

الممثل 1: (يهمُّ بالوقوف، وفجأة:) هوو! هوو! (يعضّه.) هوو! هوو! (يغادر.)

الممثل 3: (يدخل.) في النهاية، بعد عامين مذ رأيناه آخر مرة، سألنا زوجته: “كيف حاله؟” فأجابتنا..

الممثلة: لا أعلم.

الممثل 2: هل هو بخير؟

الممثلة: لا أعلم.

الممثل 3: هل ألمَّ به خطب ما؟

الممثل 2 والممثل 3: أين هو الآن؟

الممثلة: في زريبة الكلب.

 

الممثل 3: وعندما قدمنا إلى هذه المدينة، مرَّ ملاكمٌ بالقرب منّا…

الممثل 2: وقال لنا بأنه لا يستطيع القراءة، ولكن هذا لا يهمّ إذ أنه كان ملاكمًا..

الممثل 3: ومرَّ مجنّدٌ..

الممثلة: ومرَّ ضابط شرطة..

الممثل 2: ومرّوا.. ومرّوا.. وجميعكم مررتم.. وفكّرنا بأنكم قد تكونوا مهتمين بقصة صديقنا.. 

الممثلة: لأنه قد تكون بينكم امرأة الآن تفكرُ في سرّها: ” أليس من المحتمل أن يكون عندي أنا أيضًا…؟  أن يكون عندي…؟ (تهمسُ: ” كلبًا”.)

الممثل 3: أو أحد ما قد أُعطيَ وظيفة كلب حراسة…

الممثلة: وإن لم يكن الأمر كذلك، فهذا من دواعي سرورنا..

الممثل 2: ولكن إن صحّت ظنوننا، وثمة بينكم من يريد أن يصير كلبًا، كمثلِ صديقنا، فتلك إذن..، تلك إذن.. قصّة أخرى!

 

(تُسدل الستارة.)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الورقة : يقصد بها المسرحية.

[2] البيزو: العملة الأرجنتينية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*المسرحية باللغتين الإسبانية والإنكليزية:

https://www.google.com.sa/amp/s/genius.com/amp/Osvaldo-dragun-historia-del-hombre-que-se-convirtio-en-perro-annotated

 

https://metoka.deviantart.com/journal/Play-Translation-The-Man-Who-Turned-Into-A-Dog-601770530

*****

خاص بأوكسجين