شربت كثيراً. فقدت عملي.
عشت غير آبه بشيء.
ثم إنك توقفتِ، ودنوتِ مني
يا جسراً صغيراً لأسئلتي المنهمرة.
لا أتذكر ما الذي حدث بعدئذٍ.
أبقيتكِ بعيدة عني.
لكنه الجنس أحكم وثاقي
فرُفِع عني العقاب.
ورُفِعت بنفس واحد
لا آتي ولا أفارق.
يا إلهي، أنت الصديق الوحيد
الذي لم أسعَ إلى معرفته قط.
بلسمكِ الذي يشفيني تحت يدي.
أصابعكِ في شعري تتغلغل.
والقُبل التي ولدت على شفاهنا
انطفأت في كل مكان.
والآن أصبحت كل خطايانا معترفاً بها
وكل أساليبنا مغفوراً لها.
مكتوب أن يسري القانون
من قبل أن يُكتب.
وليس بسبب ما فقدت
ولا نتيجةً لما برعت فيه
توقفتِ، ودنوتِ مني
على جسر أسئلتي المنهمرة.
ليس للرحمة وجهة نظر.
وما من أحد هنا ليعاني.
لكننا نستغيث في العلن، وكما يفعل البشر
كل منا يستغيث الآخر.
والآن تندّ عنا صرخة… صرختان.
والآن تصبح الفجيعة كاملة.
نصرخ، نستغيث كما يفعل البشر
قبل الحقيقة، وبعد.
وكل ضوء هادٍ قد تلاشى.
وكل معلّم يكذب.
لم يكن ثمة حقيقة في المضي –
لم يكن ثمة حقيقة في الموت.
أصدر لي الليل أمره بعدها
بأن أتسرّب إليها
وأن أكون لها كما كان آدم لحواء
قبل أن يقع الانشطار الأعظم.
بلسمها الذي يشفيني تحت يدي.
أصابعها في شعري تتغلغل.
وكل فم يبهجه الجوع
ويذهله بعمق.
وهنا ليس بمقدوري أن أرفع يداً
لأتتبع آثار الجمال
لكن ثمة من تتبع آثاره، والجمال يُفرحه
أن يأتي ويمضي، بحرية…
ومن الجدار تنبعث ريح جارحة
عديمة الوزن رتيبة ثابتة.
جرحتنا وأنا أتسلل بين شفتيكِ
جرحتنا ونحن نتخلل بعضنا البعض.
وكل نورٍ هادٍ قد تلاشى
وضاع كل اتجاه عذب
كاذباً كان ما قرأته في كتب العشق
ذات النهايات السعيدة.
والآن لا وجود لوجهة نظر.
والآن لا وجود لآخر.
كزنابق تبعثرنا، وغرقنا…
تبعثرنا وغرقنا إلى الأبد.
أنتِ لساني، وأنتِ عيني.
أنتِ حضوري، وأنتِ غيابي.
آه يا إلهي، تركت بحَّارك يموت
ليكون بمقدوره أن يمسي محيطاً.
عندما أكون في أوج جوعي
تنتشل لساني وتمسك بي
هنا حيث يسكن كل جوع
قبل أن يكون العالم قد ولِد.
ثابتان هنا لا نستطيع الحراك
عاجزان عن الحراك أبداً
كزنابق تبعثرنا وغرقنا
من اللامكان وصولاً إلى المركز.
هارباً من بوابة سرية
وصلت إلى الحد.
وأسميت ما حدث حظاً، أو قدراً.
لأحافظ على بيتي رحلت عنه.
والآن لا وجود لوجهة نظر.
والآن لا وجود لآخر.
كزنابق تبعثرنا، وغرقنا…
تبعثرنا وغرقنا إلى الأبد.
مختبئ خلف قناعِ من عاش في سلام
وصلتُ إلى الحد.
لكن كل ذرة في قلبي
كانت بالرغبة تحترق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه القصيدة من قصائد المغني والموسيقي والشاعر الأسطورة ليونارد كوهين (1934 – 2016)، وهي ستصدر ضمن كتاب يحمل عنوان “اللهب: قصائد وكراسات وأغان ورسوم” يحتوي كل ما لم ينشره قبل وفاته.
*****
خاص بأوكسجين