سأترك الباب موارباً
العدد 145 | 28 كانون الثاني 2014
فادي سليمان


تعقب أحياناً أو ترد بثقة:‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

كان ذلك حين اخترع فلهلم زيمرمان زحافات التزلج …‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

. . .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

إخراج تنغيز أبولادزة . . . أرمني من أصل جورجي . . .‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

لتانيتا تيكيرام، بالمناسبة، هناك سوبرانو نيوزلندية من أب ماوري تدعى كيري تيكيناو . . .‏‏Twist in My Sobriety‏‏‏‏‏‏‏‏‏

اللعنة على هذه الذاكرة، أي فرق سيكون لو قلت تانيتا تيكيناو بدلاً من تيكيرام، وقلت كيري تيكيرام بدلاً من تيكيناو.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تلعن ذاكرتك التي تحفظ كل هذا، ولا تحفظ رقم سيارتك، أو رقم الطابق الذي يسكنه طلال.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تدخن سيجارة، تكمل كأسك، وتقول لنفسك مطمئناً: إنها طبيعة الأشياء، تفقد المنطق من دون أي مبررات، عليك أن تقبل هذا التواتر اللامنطقي، كلقاء عارض دون مواعيد مسبقة وخارج السياق.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

قبل النوم ستقلب قنوات التلفزيون، لتحفظ دون قصد أنواع أخرى للكلاب، بودل، أوسي شيبارد، جاك راسل، وشيواوا بعينين واسعتين مدهوشتين حد الغباء.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

وفي الصباح التالي، تغالب النعاس تحت الدوش، ثم تنظر في المرآة، تتأمل ملامح وجهك.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

البخار المتجمع على زجاج المرأة يجعلك أصغر، كما كنت في الأيام التي حلمت بها أنك ستغير العالم، واخترعت نظريات لتقسيم العمل ونشر العدالة، وصرخت بوجه الكثيرين . . . أنتم حمقى،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

وودت لو تخرج إلى الشارع وتصرخ بالمارة:‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

ماذا تفعلون هنا، عودوا إلى بلدانكم البعيدة أيها الحمقى،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

إلى قراكم التي يأكلها الذباب.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

مدنكم بتماثيليها العارية في الساحات.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

خيام عشائركم التي تلعب بها الرياح على أطراف البادية،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

أكواخكم التي تدمرها الفيلة في موسم التزاوج،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بيوتكم التي تذبحون فيها النساء،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

وسأعود أنا إلى غرفتي في باب توما وأترك بابها موارباً لأشبع فضول القطط العابرة،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

ولن أنتظر مهرجان تسوق آخر كي أربح سيارات اللكزس الثلاث.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

نصف نائم، تقف أمام المرآة ناظراً في عينيك، في هذه الملامح الغريبة، كلما أمعنت النظر ازدادت غرابة.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

بأصابعك، تحاول أن تتلبس ملامح أخرى، بلا فائدة، وجهك مطاطي مرن يعود غريباً ونائياً كما كان.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

عندها ابتسم لصورتك في المرآة، وارسم هالة القديسين على بخار المرآة، دعها تطوق رأسك، ستشعر بالرضى لثوان قبل أن تبدأ قطرات الماء بالسيلان، وتغدو الهالة طائراً يحلق فوق رأسك، كنورس، كغراب.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تخاف أن تتحرك فيتبعك. للحظة تبدو كالأخرق،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تتمالك نفسك،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تمسح بكفك الطير،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تنظف ما تبقى من صابون الحلاقة وراء أذنيك، تخرج من الحمام مغلقاً الباب على صورتك في المرآة،‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

محدقةً في الفراغ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تدخن سيجارة‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

تتبول متسائلةً:‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

من كان يحدق فيَّ عبر المرآة؟‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

من كان يرسم طيوراً فوق رأسي؟‏‏‏‏.‏‏‏‏

__________________________

كاتب من سورية

 

الصورة من أعمال الفنان التشكيلي السوري بسيم الريس

*****

خاص بأوكسجين