رسمَ دراجةً ليذهب وراءَ صوت الفراغ الأسير
العدد 250 | 29 كانون الأول 2019
الكيلاني عون


 

المنادون بأسعار الكمّثرى

حُشِروا في صناديق الذباب وكسور القروش السوداء

تذوَّقوا لمهلةِ تبغٍ ما تذوَّقَ أعمارهم

روَّجوا الدبيبَ الفرجار لركن المماطلةِ

دوَّخوه الأصيلَ بقرائن لا تنبت في الشاحنات

وباتوا يرجُّون الأيامَ عقاربَ يابسةٍ بين زجاج الكمين

*******

كان لها ظل مداهمةٍ

تتوجَّس تيجانَ الوريث

قبل أن تجفّ دمعةُ الدليل وتحترق

أصابعُ الأرض

*******

عندما ينام الساهرون دون فكاهة

وتتضاءل حشرجاتُ القتلى وهم يبتلعون زجاجَ المكيدة

نقرِّب نافذتين

وننشئ أزرارَ الضوء

*******

أضاعَ الحفيفُ قوسَ قزحٍ ورميةُ العين

لا تُستجاب بظلٍّ كأسٍ

صحراءُ دهنٌ على جناح الغيب؛

سيُرمَى من شيَّدَ النهرَ من شرفةٍ في نظرةِ الموج

ويُطعَن القصرُ الكتوم 

*******

لم تُغمَض له شجرة أو ضجر

مؤخَّرةُ الأمس لم تبرح بعد

ما زالت تجلس على بوصلة الرحيق

*******

لا أوثق حرجَ الصلصال

إلى نزهةٍ اليقطين

اصنع منه شيئاً أحبه

وأنتظر خيانته

*******

لأناقض ما تركه النائمون على سُفْرة الزيح

نجوماً وأوردةً

وأباعد بين شقَّين للملأ فكِّ الرّصينِ المدجَّج باستعاراتِ الصليل

هي شهادتي الزور أمام ألسنة الأيام

المتدلّية كعناقيد تُرى عنباً

لكنها أحابيلي مزهوّة وراءَ العربات

أمامَ المفاتيح

مزهوّة بالمبذِّر حمحمةِ المهبِّ الأخير بقطيع الفراغ

*******

الملاك المرسوم على القميص

تسلَّل مسترشداً بقنديلٍ مطفأ

لم يجد مثقالَ طفلٍ

رجع بإبرة الليل وسلك المدى

عاكفاً يخيِّط رمّانةَ أيامه الغابرة

*******

ضربوا الميِّتَ حتى استفاق

أشعلَ لفافة

نظرَ عالياً نحو ملاجئ الأثر

ثم نامَ على صواب الجهة الأخرى

*******

نقصٌ في تموين الغزوة

في تدريب المشط الغضار

في دحضِ البهو نعالَ الهرج المغير

في مديح الملقِّن عَدَسَ الأهواء

*******

خرجتْ بيدها على رأسها

لم تنبس ببنت نظرة

لما تركته يحترق

*******

أنتِ نصف الكون

وزهرة نصفهِ الآخر

إذا مالتِ العربةُ قليلاً

نظرتِ إلينا فاينعتِ النجاةُ

*******

قطعةُ ثلجٍ لا تذوب بين أصابع الغبار

وأنا

ها أنذا خليفة نهرٍ مجموع

لمأدبة الصّدى

*******

لنترك الطاولة

لنترك الورقةَ والفراشات الخارجة من قلم الحبر

لنترك المياه المغسولة بشبابها

لنترك الظل منزوياً كقنّاصٍ ميِّتٍ وهو ينفث دخان ماضيه

ولنعد بهدوء

إلى رقصةٍ بدأتها الأنهارُ

قبل ولادتنا بأغنية

*******

سرتُ خلفي طويلاً

أتذكَّرُ حريقاً بارداً

عَرَقاً يهدر بين الخطوات ورؤوس الدلافين

وأوسمةً ملقاة على جانبي سلحفاة بحجمِ مكانٍ

لم ننتظره كما ينبغي

*******

 أنتَ تشبه أبي

لكنك تحمل صندوقاً غريباً

تفتحه فتخرج الغابة

نسرق منها التين والبرتقال

ونركض مثل سحابة دُعيتْ لعرسٍ طالما انتظرته

لترقص

*******

إيابٌ طنينٌ في أذن النسيان

مائدةٌ للقتلى وزجاجة ماء للصحراء

ومن بعيد عواءُ ذئبٍ لم يتريّث

وهو يمزِّق ما يتخلَّى عنه

*******

 ليس وقته الآن

الحنق الذي كنتُ سألمّ جواهره

وأطعمه لفراغٍ ذي مسغبة

*******

رسمَ دراجةً ليذهب وراءَ صوت الفراغ الأسير

لكن جراد العاصفة التهمَ نصف المكان،

وحيداً

سقط في الحقل المغبرّ؛

ستعود الورقة

لترسمه مثلما كان ويمضي 

*******

لم تبرد

نظرةٌ من النافذة

إلى سفينة الأشجار 

 

******

خاص بأوكسجين


شاعر وتشكيلي من ليبيا. صدر له: "لهذا النوم بهيئة صيد ""، و""شائعة الفكاهة""."