كانوا ولداً وأمه وزوجها
الأم سمّاها أبوها “رحيل”، وزوجها أسمته أمه “آدم”، والولد أسمته رحيل “رائع”
عند ولادة هذا المولود كان طفلاً جميلاً، قليل البكاء والشكوى، كثير النوم، لا يكاد يفتح عينيه كما لو أنّ لديه رفضاً تاماً لاكتشاف هذه الحياة.
مضت الأيام الأولى بين رحيل وآدم وهما في كامل السعادة، مغمورين بدهشة تحققْ حلمهما في الحصول على كائن بشري من صنعهما وملكهما.
سيجعلان من “رائع” ملاكاً بشرياً يمشي على الأرض كرد على الحياة وانتقام من خذلانها لهم.
وعمّت الأحلام وتصاعدت إذ بدا لهما “رائع” طبيباً مشهوراً، يفتتح عيادة في أهم شوارع المدينة، ويضع “قارمة” مكتوب عليها اسمه الثلاثي بخط عريض، وكيف أن هذه “القارمة” يجب أن تكون ضوئية كبيرة جداً و بألوان زاهية:
الطبيب رائع آدم ال ……….
اختصاصي في …………
من جامعات ………….
دكتوراة في ……………
هكذا كان شكل “القارمة” الذي لا يفارق خيال وأحلام آدم ورحيل في السنوات الأولى من عمر “رائع”.
الصدرية الأولى، المقلمة الأولى،الحقيبة المدرسية الأولى، تاريخ اليوم الأول، أول منديلين في جيب الصدرية، المعلمة الأولى، المبراة والممحاة وقلم الرصاص الأوائل،،،،،،،
كلها كانت بمثابة انطلاق صافرة بداية المباراة
المدربة رحيل ومالك النادي آدم والفريق “رائع”
هذه المباراة التي رتبها مالك النادي والمدربة من دون استشارة اللاعب
المباراة المصيرية جداً كنهائي كأس
كانت بمثابة إدخال فريق كرة اليد إلى ملعب كرة القدم ومطالبته بفوز كبير على نادي مثل برشلونة بكامل نجومه وبمدرب جيد غير مدربه الحالي.
ابتدأت المباراة وابتدأ احتساب لمسات اليد وضربات الجزاء والأهداف والإنذارات الموجهة من كل حدب وصوب.
غضبت رحيل فحصلت على إنذار، فك آدم ربطة العنق التي تخنقه، وغادر المنصة باتجاه الحمامات ثم غرفة تبديل ملابس “رائع”.
وهكذا انتهى الشوط الأول، ودخل “رائع” غرفة تبديل الملابس وقد تلقى عدداً كبيراً من الأهداف في مرماه، وابتدأت رحيل بتوبيخه مع بكاء مرّ بسبب الفضيحة التي تسبب بها، وانتزع آدم حزامه وبدأ الحفلة.
أسوأ فترة في تاريخ “رائع”، هي فترة ما بين الشوطين، حيث الإذلال، والشعور بالعجز والذنب، كما لو أنه كان سبب مصائب العالم،
دخل “رائع” الشوط الثاني وفي نيته التعويض عن الشوط الأول، إرضاءً وإشفاقاً على رحيل وآدم، محفزاً نفسه للفوز في مباراة كرة القدم.
انطلقت الصافرة، أمسك “رائع” الكرة فصفر الحكم وهكذا مضت النصف ساعة الأولى من الشوط الثاني وتوالت الأهداف في مرمى “رائع” إلى درجة جعلت جالبي الكرات يسخرون من “رائع” وآدم ورحيل.
في الدقيقة الخامسة والسبعين طُردت رحيل من الملعب فغادرته.
أصيب آدم بنوبة قلبية نتيجة الغضب الشديد فتم نقله إلى المستشفى.
في الدقيقة نفسها قرر “رائع” أن يلعب بحرية ومن دون ضغوطات، أمسك الكرة فصفر الحكم، لكنه تجاهل صافرته، مرر الكرة من يد إلى أخرى متجهاً إلى مرمى الخصم.
تتوالى الصافرات لكن “رائع” يتجاهلها، ويصل المرمى ويحرز هدفاً.
نزع قميصه ورماه للجمهور الذي صفق له طويلاً كما فعل الفريق المنافس والحكام. حيا الحاضرين وصافح الحكم والفريق المنافس وخرج من الملعب سعيداً بهذا الهدف الذي حققه في الربع ساعة الأخير من المباراة.
وهكذا كان أول هدف كرة يد يحتسب في مباراة كرة قدم.
_______________________________
كاتب من سورية
الصورة من أعمال الفنانة التشكيلية السورية رؤيا عيسى
*****
خاص بأوكسجين