هذا الصراع هو بين أطفال الضوء وأطفال العتمة
*بنيامين نتنياهو
كان يا ما كان في حديث الأزمان، أطفال منعمّون، ولدوا في الضوء، وأطفال منبوذون، ولدوا في العتمة.
أبناء الضوء رضعوا شمس أرض أبناء العتمة، ولم يتركوا شعاعاً واحداً لهم، ولعبوا مع سوبرمان وباتمان وآخرين كثر، فقيل لهم إنهم مثلهم الآن، أبطال خارقون، ولن يقف شيء في وجههم، وأنهم من الضوء جاؤوا وإليه يمضون دائماً بخطى خارقة.
وكان أبناء الضوء حريصين جداً على ضرب أبناء العتمة كلما أتيح لهم أو لم يتح، بسبب أو من دونه، والسطو على ألعابهم المصنوعة من أغصان الزيتون وسعف النخيل وما درجوا على التقاطه في العتمة، وفي مرات كثيرة كانوا يعثرون على حزم من أشعة الشمس مخبأة هنا وهناك، فيجن جنونهم، فيزيدون من ضربهم وتكسيرهم وتشتيت شملهم، وحشد المزيد من العتمة وإلقائها عليهم، سطلاً تلو الآخر في البداية، ثم بالمرشات وإحداث أمواج وأعاصير من العتمة تغمرهم، مستمدين قوتهم من سوبرمان وباتمان وعتادهم الخارق، وبما يشمل كل من حولهم، وليكتشفوا في كل مرة بأن حزم الأشعة والضوء بلا منتهى.
كان يا ما كان منذ أيام وليال قليلات، أن ابناً من أبناء الضوء المدللين، ممن حافظ على طفولته المضيئة بالغنج والدلال، والحرد والحرون، والتبرم من هذا وذاك، تلقى ضربة من أبناء العتمة، وبدا وضوحاً أنه تألم وتوجَّع، وعاد بالذاكرة إلى ضربة من أقرباء أبناء العتمة، أو قريبين على وجه التحديد، الأول أصبح خراباً وقطعت أوصاله وأتخم عتمة، والثاني الأكبر والأقوى أصبح حارساً عنده، فكيف لهؤلاء – أي أبناء العتمة أنفسهم وليس الأقرباء- أن يضربوه، ويهزوا عرش دلاله وغنجه!
قال الراوي:
وصرخ ابن الضوء المدلل صرخته، ولبى النداء صنّاع الأضواء الساطعة والمبهرة، مخترعو الضوء ومحتكروه، من يوزعونه على هذا وذاك.
جاء العرَّاب والأب الأكبر، قطع مسافة 9491 كم، ووصل على آخر نفس، ليحضن طفل الضوء المدلل ويناغيه ويربت عليه، وقال له سأترك عندك ليس سوبرمان وباتمان فقط، بل سأضع بتصرفك كينغ كونغ هذه المرة، وأكثر من ذلك سيكون جميع “الترانسفورمرز” خواتم في أصابعك وأنت تحولهم حسبما تشاء.
وجاء أيضاً العرَّاب السابق والجد الأكبر، قطع مسافة 3046 كم، ووصل ليحضنه ويناغيه ويربت عليه، وقال له بصوت مرتجف من شدة التأثر: سأضع في تصرفك العميل 007 وسيارته التي تتحول إلى طائرة، وبما أنني أصبحت جدَّاً فهذه نسختي من “الترانسفورمرز” فاقبلها أرجوك!
كما أن المبيد السابق/ الترميناتر جاء، نعم جاء، وهو من كان يرى في أبناء ضوء اليوم أبناء عتمةٍ بالأمس، وبالتالي حاول إبادتهم فيما مضى، ونجح نجاحاً جزئياً، فعفى الله عما مضى بإيجاد أبناء عتمة يتسلون بهم، ويحلّون عنه وجريمته. قطع مسافة 2977 كم، ووصل ليحضنه ويناغيه ويربت عليه، وقال سأضع في تصرفك “هوت دوغ” لا يؤكل، بل يدمِّر، بما يحفظ جوعهم وماء وجهك.
قال الراوي:
ومرّت أيام كثيرة على أبناء العتمة أكملت نصف شهر، وأبناء الضوء يلقون بكل ما أوتوا من عتمة عليهم. قالوا إنهم سيفتتونهم إلى ذرات معتمة، سيحولونهم إلى رماد، ويضعونهم في قارورة، ثم يرمون بهذا الرماد في صحراء مترامية، فيختلط رمادهم برمالها ولا يعود لهم من أثر.
قال الراوي:
وهذه المرة، كما في مرات سابقة كثيرة، لعن ظروف قصّه هكذا حكاية، وهو لا يملك إلا أن يكون متفرجاً تارة، مؤرقاً ومغموماً ومحزوناً تارة أخرى. وأردف:
كان يا ما كان وما زال، ما يتكرر إلى الزوال…
كان يا ما كان وما زال، ما عليه ألا يكون أصلاً.
*****
خاص بأوكسجين