1
بَحْرٌ لأجلكِ، يا المَدِينَةُ، غامضٌ مِن خَضَارٍ غَامضٍ، يَزْرَقُّ فيه الموَجُ ضحِكًا للزَّبْرجَدِ، يَزْرَقُّ طيرٌ، بأعلاهُ، وحُريّتي معَهُ، تَزْرَقُّ البوَاخرُ؛ نَاقِلاتُ بضائعِ المَوتى – أولَ مَخْرِهَا – إلى الأحيَاءِ من خَشَبٍ للصُلْبان ما بَعْدَ الحدَيثَةِ، ونُكَتٍ سفيهَةٍ عن العِنِّينِ إذ لَمْ يلقَ حُورًا آخِرَ المِشوَارِ، وَتَحمَرُّ – عندَ وَشْكِ الوصولِ – أنِ اِرخُوا الخَناجِرَ كي يمَوجَ الليلُ عندَ نسائِكم وتستلموا البضائِعَ دونَ انفجَارَاتٍ !
بَحْرٌ يُعَرِّفُ، إذ يُعرِّفُ نفسَهُ، الأسمَاكَ بأنُّهُنَّ غَيمٌ لغَيرِ ما مطَرٍ، وأنَّهُ سمَاءُ ما بعدَ السَّمَاءِ تَسترِيحُ على فَخِذِ اليابسَةِ، مَلُولَةً، وتلْعَبُ بجَنْدَرِ الألوَانِ؛ يَشِعُّ حينًا وتارةً يخبُو !
هُوذَا، لأجلكِ لا سِوَاكِ :
قلتُ اَجترحُ في البَحْرِ وردةً
قلتُ افتَحُ للبَحْر مُستهلًّا من شَفَتي
قلتُ إنْ وصَلَ الأمْرُ تمامَهُ، أو كادَ، أرفَعُ الغِنَاءَ بِلَحْن المَاء
لا الذي في البَحْرِ، لا العُلويِّ الذي من لَدُنِ الفَضَاءِ
إنما ما يطفُرُ، كُلمَا نُودِيتِ، منِ اِسمكِ ..
هُوَذا، إذًا :
واستوَى على شَجَرِ الأنين وَجهُ حَطَّابٍ
أنَّ يدَ الفأس أفيَدُ من قَلَمٍ
أنَّ نارَ الفَحْمِ أفيَدُ من حُلُمٍ
أنَّ رَقْص القيامَةِ أجدَى من مُناداة السُّكونِ
وأنَّ بالإمْكان قَطعُ النَّهْرِ خَطْوَينِ خَطْوَينِ لو صَأتْ تحتَ أرْجُلِنَا النَّسُورُ ..
نَحْنُ في طيَّةِ الدَّهْرِ، إذ شاخَ وشَاهَ جلدُهُ الإلهيُّ، يَحُكُّنَا ظِفْرٌ وتَدعكُنَا أنْمُلَةٌ،
وكُلُّنَا مَعَهُ في انتظَارٍ
-كما انتُظِرَ البرابِرَةُ
كما سيُنتظَرَونَ، دومًا-
أنْ يُغَيِّرَ
-مثلما تفعَلُ الأفعَى أوِ الأنثَى بعدَ حُبٍّ خَائبٍ –
جِلدَهُ
أنْ نُبْدَلَ آخَرِينَ أكثرَ إتقانًا وَتَعقُّلًا للعَبثِ الجَذْلانِ؛
كلُّ مَرَّةِ أولَى خَيبَةٌ، دومًا
ونحنُ مُذ عُشبَةِ أوروكَ
حتّى قيَامة بيروتَ
مرَّةٌ أولَى
عَينٌ لَمْ تَغْمُضْ، بَعْدُ
بِرَغم كلِّ الدُّخَانِ والشَّظايَا
لوَجْهٍ لَمْ يَزَلْ، بَعْدُ، ملِيئًا بالبُثُورِ
وما يزَالُ يَفقَؤهَا بَثْرَةً بَثْرَةً
حِقبةً حِقبةً
أُمَّةً أُمَّةً
شَعبًا فشَعبًا
وَقُدسًا فَقُدسًا
إلى آخرِ الطيبينَ
لعلَّ ابتسَامَتَهُ ستصفُو، آنَها
أمْ أنَّهَا ستكونُ، على نَصيحَةِ الحَطَّابِ، نُيوبَ فَحْمٍ
وَرَمَادُ أوَّلِ المرَّةِ الأولى يلوحُ ثَمَّ لذي نَظَرٍ
يتَّسِعُ
لكنَّهُ يَضيقُ كلمَا أشارَ للصَحْبِ
حيثُ يغُضُّونَ
حيثُ يَغُمُضُ هُوَ
لأنَّ رُؤيةَ الجَمْعِ مِن فَرْدٍ
حَتْمُ عَمَاءٍ .. وَحَتْفُ !
2
ذَا هُوَ، الآنَ، في الهُنَاكَاتِ المَأمُولَةِ كاملةً، والهُنَا المُتَرَنِّحِ من خَليطِ الصُّرَاخِ بِالعُوَاء مُفردًا :
قلتُ أعيدُكِ يا وَردَةُ، كمَا قَبْلُ، فكرَةً، حَسْبُ، ليسَ تُستَنطَقُ أو تُرَى
قلتُ الوَقْتُ غَيرُ مُنَاسبٍ لسَبِّ الدَّهْرِ لأنَّ أمَّهُ السماءَ أخلاقيَّةٌ بإفرَاطٍ وجَدَّهُ البَحْرَ ملَّ السُّكونَ وأمثولَةَ الحُوتِ
قلتُ لا تمامَ لأيِّ شيءٍ حتّى لاسمِكِ في المُناداةِ إلا لو كان على مدَى الأسرَّةِ؛
إذ ثَمَّ مَاءٌ وَمَاءٌ، ثُمَّ مَاءٌ وَنَومٌ، ثُمَّ مَاءٌ
يدُلُّ المِصَبَّ إلى المَضيقِ
وينَهَبُهُ من ثَمَّ إلى الحَريقِ
ويستَأنِفُ المَحْوَ في النَّوم الأنيقِ
للحَطَّابِ
لانتظَارِ وَجْه اللهِ
لجُرح البَغْتِ في انفجَارٍ
لِحُمقي بإيجَادِ بَحْرٍ مُضارعٍ لبَحْر عينيكِ
المُرَادِفِ، بدَوره، لبَحْر الدَّهْرِ، المُستَعَارِ،
هُوَ أيضًا، من فِكرَةِ الإطلاقِ بِذَاتِهَا
والذي لَمْ يَكُنْ غَيرَ إيجَازٍ مُتنَاهي التَّنَاهي :
أنَّهُ قُبلَةٌ
تَمْزُجُ البِحَارَ الثَّلاثَةَ
مِنْ لُعَابَينِ اِثنَينِ
في إغمَاضَةٍ واحِدَة/
إذ ترِفُّ البصيرَةُ رَفَّةً
أنْ
كَمْ
مَرِحٌ
هُوَ العَبَثُ
أنْ
لا
إلاكَ
يَا رَفَثُ !
*****
خاص بأوكسجين