انتحارٌ في الهواء
العدد 193 | 20 حزيران 2016
ميس الريم قرفول


البارحة قطعتُ شرياني

ذاك الذي يمتدُّ خارطةً “مطعوجةً” بلا دلالات

وما من صور على زندي.

انسكب الدم الأحمر متوهّجاً

مثل وردة ناضجة في الربيع

ملأتُ كأس التوت وشربته

عاد الدم

 وانبلجَ في الداخل الفارغ الذي ينبض بحثاً عن الصور..

الشريان

موصولاً بأطراف شَعري

تطيِّره الريحُ..

 

البارحة نقصَ معدّلُ ارتفاعي

صرتُ شفيفة

موازيةً التراب

والحُفَرُ شاماتي

تمرُّ الزوارق

لا أحرّكها

النوارس

لا أعشقها

ولا أفتح لها في جسدي ممراً سريّاً

تمرُّ القصائد راياتٍ عتيقة

الدموع فيضاناً بلا ملحّن

النجوم كؤوساً محترقة..

 

تُصاحبني الموسيقا إلى مهدي

أم إنه ضريحي الهزّاز! –

لا وراء للعتمة

قالها شاعرٌ يرمقني من كونٍ موازٍ

ويقطِّر العسل في مكابس الأزهار ..

سوّيتُ له السرير حتى يهبط بسلامٍ،

غيمةً على مقاس فراغ.

 

يدعونَني إلى الحفلة

كأسي ممتلئٌ بالنهد الأصفر

كحولٌ فقيرٌ بلا جذعٍ ولا لحمٍ كي يكلّمَني

وأنت الذي بلا رأس وُلدتَ منتظراً مروري حتى أقبّلكَ

عقيمة أنا

وشفتيّ ورق يابس على جدار

وها قد نُفيتُ في كون آخر

ورحت أقيس الوقت بالحيطان،

والعُمرَ بالصدى الخريفي المرعب،

والسعادةَ بورقٍ مكدّسٍ فوق الشجر

حتى طال السماء

ولم يطلْ حبراً واحداً

من شفتي ..

البارحة شربتُ التوتَ النازل من عنقي

هكذا يروون عن الأشجار وهي تغمض عيونها كي تمتصَّ ضرعَها

والحرب قيثارةً قديمة أهديها سردي

الحرب امرأة بلا خمار ولا عري يجتليها متى شارفت السماء

تدقُّ على الحيطان وتوشمُ أنفها بالروائحِ

الباكرة..

 

هل كان لصناعة الورود من وجود قبل الحرب؟

قبل اختراقِ الحديد للهواء

مِن دمٍ

أم مِن انتحار؟

*****

خاص بأوكسجين


شاعرة من سورية مقيمة في فرنسا.