أقلّب معايدات السوريين الفيسبوكيية، كجرائد بأوراق صفراء، أتجنب كلمات مثل: ثورة.. أمل.. أمنية.. إيمان، ولا أجد سوى أمنية الطفلة “حلا” في “الحجر الأسود” وهي أمنيتي: “أنا بتمنى باربي وعدّة مطبخ وكوافيرا و..بس.”
مضت ليلة رأس السنة..
كانت الأغاني المتصاعدة من البار أسفل بيتي في باب توما متناغمة تماماً مع أصوات الهاون والمدفعية، لازال هناك متسع للاحتفال يبدو، فالمتعة هائلة ومضاعفة لدى السوريين، لأنهم أصدقاء الموت، جيرانه، نزلاؤه، مرافقوه في الشوارع والأزقة.
نمت باكراً، استيقظت عند تمام الساعة الثانية عشرة على أصوات الرصاص، أي رصاص؟ في دمشق تُضرب مدافع احتفالاً بالسنة الجديدة، احتفاء بالكرنفال السوري، حيث ممازحو العدم، متقنو السير على حبل الحياة الخفي، لابسو الأقنعة المرعبة، ملتحفو السواد، محتكرو الله، واضعو الأنياب الناصعة، مهرّجون ببزات عسكرية، ممثلون متجولون بهيئة عجائز باكية، أطفال مشردة، رجال بأرجل وأيدٍ مبتورة، ونساء بنصف وجه…
عرّافون كثر، وتلاة مواعظ، مروجو المستقبل ببالونات ملونة، وبائعو دفءٍ في العراء.
في الكرنفال السوري تشاهدون رامي السكاكين على دولاب تتمدد عليه عاريةً واثقةً مغريةً… الحرية، بضحكات متهكمة وعالية:
“غررت بكم وقتلتكم جميعاً.. أنا الأحجية”
عريس وعروس على كرسي مرتفع، يتبدل وجههما لدرجة التشابه، والمدعوون هم نحن، المصفقون الهاتفون المنتظرون انتهاء الزفاف ليرمونا بباقة الزهور، تتصارع عليها الأيدي، حتى يفوز بها أحدهم ويشرع بالتهامها، بينما الآخرون يرمقونه حسداً كالقطط.
دمى جامدة، تصنيع الدول الاشتراكية، تبدأ بقنصها دمية دمية.. وحدة… حرية.. اشتراكية.. هكذا لتفوز بالدب القطبي مع رحلة سباته الطويلة..
تنام… يأخذك النوم.. تستيقظ متعرّقاً، تتلفت حولك، تتفقد حواسك ونبضك، مثل زوربا.. أوه.. لازلت حياً، تمد صوتك في الفراغ وتعوي مطولاً..نشيد النصر.
_______________________________
كاتبة من سورية
الصورة من أعمال الفنان التشكيلي السوري بسيم الريس
*****
خاص بأوكسجين